لماذا تتأخر الاستثمارات؟

22:17 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة*

عوامل عدة تؤخر قدوم الاستثمارات إلى لبنان منها صراع الموازنة والتدقيق الجنائي للمصرف المركزي وغيره من المؤسسات العامة. هما مرتبطان لأن الموازنات ذات العجز الكبير غير مقبولة في ظل تدني الإيرادات وازدياد الإنفاق الصحي وارتفاع مؤشرات الفقر وعدم تقليص حجم القطاع العام. التدقيق الجنائي ضروري ومن المنطقي أن يبدأ من المركز الوسطي المالي أي مصرف لبنان وينتقل إلى المؤسسات الأخرى أي الوزارات والمجالس. نحتاج إلى شركات تدقيق متعددة كي يتزامن عملها. نريد أن نعرف ماذا يجري ضمن الدولة حتى نستطيع المحاسبة. يجب على الرأي العام معرفة مصادر الفساد وحجمه في كل المؤسسات العامة. الفساد موجود أفقياً وعمودياً ومن حقنا أن تكون معلوماتنا دقيقة.

لا يمكن لأي دولة أن تجذب الاستثمارات إذا لم يكن لديها قضاء فاعل ونزيه لحل الخلافات وإعطاء الحق لصاحبه. التحقيقات بشأن كارثة 4 آب لا تبشر بالخير بعد أشهر من المحاولات. ما يجري في القضاء الجزائي يسري أيضاً على الفروع الأخرى كالمدني. من يستثمر في دولة لا قضاء فيها؟ أو في دولة قضاؤها مشكوك بفاعليته وصدقيته وعدالته؟ هنالك أيضاً ضرورة لتحديث بعض القوانين خاصة كل ما يرتبط بالمرأة والجنسية وحقوق العمال اللبنانيين وغير اللبنانيين. نحتاج إلى تطوير قوانيننا لأن الوضع القائم غير مقبول.

ما يجري في المصارف مفاجئ. من كان يعتقد أن مصير المصارف اللبنانية هو التعثر بعد أن كانت مضرب مثل عالمي في حسن الأداء والثقة. الودائع محجوزة والقروض متوقفة. هذا يقلقنا ويقلق من يفكر بالقدوم إلى لبنان وبالتالي لن يستثمر. كل قوانين تحديد حركة رؤوس الأموال وسرقة قسم من الودائع مرفوضة، لأنها تغير وجه لبنان. ما نحتاج إليه هو تغيير القيادات والمسؤولين وليس تغيير مسيرة لبنان الناجحة على مدى عقود منذ اعتماد قانون النقد والتسليف.

العلاقات الخارجية في التجارة والمال مهمة جداً لدولة صغيرة كلبنان. لا يمكن أن نستمر من دون علاقات تجارية ومالية كبيرة وحيوية. لبنان يختنق إذا أقفل على نفسه. المطلوب عقول منفتحة وذات كفاءة تقرر وتتواصل مع المؤسسات الدولية خاصة صندوق النقد. ما نسمعه أحياناً من بعض المسؤولين مقلق.

إقفال الإدارة العام سابقاً بسبب كورونا وحالياً بسبب تدني الأجور والتضخم مكلف للاقتصاد. كورونا تتجدد في لبنان بسبب عودة التجمعات العائلية والعامة قبل أوانها، وبالتالي وجب الحذر والحماية. بعض اللبنانيين لا يؤمنون بوجود الوباء أصلاً ولم يأخذوا اللقاح. هنالك من لم يتلقح بسبب الخوف وعدم المعرفة. في الدول التي فتحت كلياً، ها هي كورونا تعود. هنالك حكومات عدة أوروبية وغيرها دعمت المواطن بسبب كورونا والتضخم الآتي مع الحرب الأوكرانية. خفضت الضرائب أو أعادت بعض المدفوع سابقاً أو أجلت استحقاقات وغيرها. في لبنان الإقفال مستمر والمواطن والاقتصاد متروكون للمجهول. أما أموال البنك الدولي بشأن الفقراء، فهي مهمة ومرغوب فيها، لكنها قروض ومتواضعة وليست منحاً ولا تحل المشكلة.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"