عادي
عالم متجدد

سجود السهو 1-2

22:44 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
يعتقد بعض الناس أن السهو هو النسيان والنسيان هو السهو، لكن يبدو أن هناك فرقاً بين الاثنين عند الفقهاء.

الناسي، كما يقول ابن المقري، إذا ذُكّر تذكر، أما الساهي فليس كذلك، وقيل إن الفرق بينهما أن السهو يكون بزوال الصورة تماماً من القوة المدركة، لا من القوة الحافظة، أما النسيان فيكون بزوالها من القوتين معاً، انظر «المفردات» للراغب الأصفهاني، «ولسان العرب» لابن منظور، و«التوقيف على التعاريف» للمناوي، «والشرح الصغير» ج1 ص 376، و«الفواكه» الداني ج1 ص 61.

وهناك فرق بين السهو والغفلة أيضاً عند الفقهاء، فالغفلة تكون عما يكون، والسهو يكون عما لا يكون.

ثم إن الغفلة تكون عن فعل الغير، كأن تكون أنت غافلاً عما فعله فلان في الوقت الفلاني، ولا يقال إنك سهوت عن فعل فلان، انظر «شرح الخرشي» ج1 ص 307، الفواكه الداني ج1 ص226 من كتب المالكية.

إذاً، فإن السهو هو موضوع حديثنا، وهو عند الفقهاء يعرّف بأن الذهول في الشيء أو عنه، بما يؤدي إلى الإخلال به بزيادة أو نقصان أو بحصول الاثنين معاً، وكلٌ يقع في الصلاة، فيجبر بالسجود ما لم يكثر جداً، فتبطل الصلاة، أو يقلّ جدّاً فيغتفر، انظر «شرح العلامة زرّوق على الرسالة» ج1 ص203.

والصلاة إن وقع فيها سهو، سميت بالصلاة المرقّعة، لأنها تجبر بسجود السهو، وترقيع الصلاة أفضل من إعادتها.

والاقتصار عليها أيضاً بعد الترقيع أولى من إعادتها، وإنها منهاجه، عليه الصلاة والسلام، ومنهاج أصحابه والسلف الصالح بعدهم، رضي الله تعالى عنهم، والخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع.

ولو كان في ذلك خير لنبه عليه، وقرره في الشرع، والله سبحانه وتعالى لا يُتقرب إليه بمناسبات العقول، وإنما يُتقرب إليه بالشرع المنقول، انظر «الذخيرة» للقرافي ج2 ص296، وانظر «حاشية الصاوي» ج1 ص377.

وهكذا نقل عن ابن عبدالبر أيضاً حيث قال: ولا أعلم أحداً من فقهاء الأمصار قال في الساهي في صلاته، أن يقطع ويستأنف الصلاة، انظر «التمهيد» ج5 ص29.

والسهو وارد في الصلاة، سواء كان المصلي رسولاً، أو بشراً عادياً، وقد ورد السهو عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالنقص والزيادة وبالشك، وهو الذي قال: «إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس».

وبما أن للصلاة، أركاناً وفرائض وسنناً ومستحبات وفضائل، فإن علماء المالكية قالوا إن ترك الفضائل لا يسجد له للسهو، فمن ترك القنوت أو قول: «ربنا ولك الحمد» مثلاً لم يسجد للسهو.

وإذا قلنا بأن الأركان يجب أن يأتي بها المصلي، ولا تصح الصلاة إلا بها، فإن الفقهاء قرروا أن التي تجبر بسجود السهو هي السنن المؤكدة، وحصرت عند المالكية في ثمانية:

- قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعة الأولى والركعة الثانية.

- السرّ والجهر في الصلوات المفروضة.

- التكبير مرتين فأكثر غير تكبيرة الإحرام التي تعدّ من الأركان.

- قول «سمع الله لمن حمده» مرتين.

- التشهد الأول. - الجلوس للتشهد الأول. - التشهد الأخير. - الجلوس للتشهد الأخير

بخلاف الجلوس بقدر إيقاع السلام فإنه من فرائض الصلاة، انظر «الذخيرة» للقرافي ج2 ص 289، «والثمر الداني» ص139.

ومن ترك السورة بعد الفاتحة، أو أسر في مكان الجهر أو العكس، أو نسي تكبيرات الانتقال مرّتين فأكثر، أو نسي التسميع مرتين فأكثر، أو نسي الجلوس للتشهد الأول أو الثاني، أو نسي التشهد الأخير، يسجد للسهو.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"