عادي

«الرجل من تورنتو».. تسلية سريعة الذوبان

01:19 صباحا
قراءة 4 دقائق
هارت وهاريلسون ثنائي ناجح
الرجل من تورنتو وتيدي تناقض وتعاون
تيدي يروج لفكرة الملاكمة في الهواء
مارلين سلوم
[email protected]

تبحث القنوات والمنصات التلفزيونية عن الكوميديا لتقدمها للجمهور بجرعات مكثفة في مواسم الأعياد والإجازات، لكن ليس كل ما يُعرض يستوفي شروط وصفات الكوميديا العالية الجودة والتي تخلق حالة من البهجة الحقيقية لدى المشاهد. والفيلم الذي أخرجه باتريك هيوز (مخرج فيلمي «الحارس الشخصي للقاتل» و«الحارس الشخصي لزوجة القاتل») وكتبه روبي فوكس وتشارلز بريمنر عن قصة لجيسون بلومنثال وتعرضه«نتفليكس»، «الرجل من تورنتو» أو «ذا مان فروم تورنتو» هو مجرد وسيلة تسلية لن تندم على قضاء وقتك في متابعتها، كما لن تندم إذا لم تفعل، فهو كمن يحمل العصا من منتصفها، يقدم لك التسلية سريعة النسيان وسريعة الذوبان، والضحكة السطحية، والإثارة الخفيفة التشويق، والرعب غير المقلق.

«الرجل من تورنتو» يسليك ولا تندم على مشاهدته، لكنه لو لم يكن معروضاً على منصة تلفزيونية تقدم لك الخدمة في المنزل لما حجزت تذكرة، لتذهب خصيصاً من أجل مشاهدته في السينما. أحداث ومواقف مضحكة ومغلفة بتشويق ورعب مخفف، تتواصل في نحو ساعتين لتشكل فرصة لك للاسترخاء ليس أكثر، بعيداً عن أي متعة فنية وإبهار سواء في الإخراج أو الكتابة، فلا الإثارة عالية لدرجة إحاطتك بأجواء التوتر والقلق والخوف على مصير أبطالك، ولا الرعب مقلق أيضاً رغم تقديم شخصية «السفاح» المأجور الذي يؤديه وودي هارلسون بقسوة ملامحه والأكسسوار المرافق مثل معدات القتل من سكاكين وساطور وأسلحة نارية. ولا حتى الكوميديا عالية لدرجة انتزاع الضحكات منك بشكل متواصل، بل تعتمد على المواقف في حبكة رقيقة ركيكة خالية من عمق في الحوار، ولا نبالغ إذا قلنا إن هناك ضعف واضح في الحوار يؤثر سلباً في العمل.

فشل

يلعب الممثل الكوميدي كين هارت دور تيدي جاكسون، رجل عادي جداً من «يوركتاون» بالولايات المتحدة الأمريكية، يحاول خلق مساحة لنفسه على «يوتيوب» ليروج لأعماله، فيبتكر تمارين وأدوات يصنعها بنفسه لممارسة اللياقة البدنية مثل «تيدي بار» العصا الرياضية و«تيدي بيرن» لحرق الدهون، لكنه يلاقي فشلاً ذريعاً في كل مرة، ما يشكل سبباً أساسياً لدفع الجمهور للضحك منذ المشاهد الأولى للفيلم، وإن بدت كل تلك المواقف ساذجة ومفتعلة. يحاول إقناع مارتي (مارتن روتش) صديقه صاحب النادي الرياضي بمشاركته في «تجارته» وإطلاق «الملاكمة بلا لمس»، أي تعليم الملاكمة في الهواء دون الاحتكاك الفعلي بالخصم، لكن مارتي يطرده بسبب فكرته الفاشلة وعدم ذكر اسم النادي الرياضي ولا عنوانه ولا رقم الهاتف على الملصقات الدعائية التي ينشرها تيدي في كل مكان.

لا يخبر تيدي زوجته بما حصل، بل يقرر مفاجأتها بحجز ما يشبه «الشاليه» في مكان معزول، ليحتفل معها بعيد ميلادها، كما يحجز لها موعداً في منتجع صحي للاسترخاء عله يعوض الفشل في كل ما يخطط له وما يفعله، خصوصاً أنه يعشق زوجته لوري (ياسمين ماثيوز) ويتمنى كسب رضاها، لاسيما أنها ملت من تجاهله المستمر لبعض التفاصيل التي تبدو بسيطة، ولكنها أساسية. لسوء حظه، يقرأ عنوان النزل خطأ بسبب ضعف الحبر في آلته الطابعة، علماً بأنه ربما الرجل الوحيد الذي مازال يستخدم بريد «هوتميل» في هذا الزمن. على العنوان نفسه يتوجه «الرجل من تورنتو» بأمر من «المديرة» من أجل التحقيق مع رجل وأخذ معلومات مهمة منه قبل قتله. يصل تيدي إلى المكان فيقابله رجال أشداء ويحسبون أنه «الرجل من تورنتو» فتمشي الأمور بهذا الاتجاه وتنتشر صورة تيدي باعتباره «السفاح الخطير».

تعقيد

مفارقات كثيرة تنجم عن هذا الخطأ البسيط الذي يرتكبه بغباء تيدي، ما يدفع بالرجل من تورنتو إلى اللحاق به وتهديده، في نفس الوقت الذي تلاحقه به المباحث الفيدرالية وقد اتفقت معه أن يواصل السير في الخطأ ويوهم جماعة مارين أنه هو السفاح، بينما يحتاج إليه السفاح الحقيقي من أجل إتمام العملية والحصول على المبلغ الذي وعدته به «المديرة». تتعقد الأمور أكثر ويضطر الرجلان للتعاون من أجل الوصول إلى الكولونيل مارين (أليخاندرو دي هويوس) الذي يخطط لتفجير السفارة الفنزولية الجديدة يوم افتتاحها في واشنطن.

لا شك أن الرهان على الشراكة في البطولة بين النجمين وودي هارلسون وكيفن هارت يكفي لتوليد شرارة تحرك وحدها الأحداث وتحمل الجمهور على الضحك، خصوصاً أنهما يقدمان النقيض لشخصية واحدة، وكلاهما موهوب وقادر على تجسيد المواقف بالملامح وبصمت، ما سد ثغرة مهمة في الحوار الضعيف الذي كتبه روبي فوكس وتشارلز بريمنر. هارلسون الطويل الأصلع، يجسد شخصية الرجل السفاح الذي تجده في أفلام الكرتون، وتركيز المخرج باتريك هيوز على تصوير ملامحه الحادة، نظراته كاريكاتورية أيضاً أكثر مما هي مرعبة. تستغرب أيضاً اختيار هيوز أونتاريو لتصوير فيلمه بينما يوحي العنوان بأن الفيلم كندي وأنه سيصور الجزء الأكبر منه في تورنتو، لكن كل هذا لا يحدث، وبالكاد تمر لقطة عابرة في البداية من هذه المدينة لينتقل هارلسون أو «الرجل من تورنتو» إلى أمريكا في مهمة سرية تكلفه بها «المديرة» وتؤديها باقتدار إيلين باركن، التي تطل بصوتها فقط في الجزء الأول من الفيلم ثم تظهر مع تصاعد الأحداث ووصولها إلى الذروة. ننتقل من مينيسوتا، إلى بورتوريكو ثم ضواحي فيرجينيا.. ولا يقتصر الأمر على سفاح واحد، بل يظهر رجال آخرون تطلقهم «المديرة» لقتل «الرجل من تورنتو» وإتمام العملية، كل منهم يأتي من بلد وأسماؤهم منسوبة إلى مكان انتمائهم: الرجل من ميامي، وآخر من طوكيو وإخوة ثلاثة من موسكو..

نهاية متوقعة

كعادة الأفلام الخفيفة، تأتي النهاية متوقعة، ولا بد من رسم الابتسامة على الوجوه، فالفيلم انطلق في البداية من أجواء رعب وأوحى بوجود سفاح خطير صاحب قلب قاس، بلا مشاعر ولا رأفة، لا يهتز له جفن وهو يقطع الأصابع والرؤوس ويذبح بلا رحمة. يلين السفاح ليتحول إلى رجل كرتوني، يخاف من أشياء تافهة وبسيطة، وينقلب من النقيض إلى النقيض، ليصبح رجلاً طيب القلب مرهف المشاعر، والغريب أنك ترى مستقبله مشرقاً، وكأنه لم يرتكب جرائم، ولا تجب محاكمته!

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"