الجزائر وملف الانقسام الفلسطيني

00:15 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. فايز رشيد

المصالحة الفلسطينية هي موضوع قديم جديد، وآخر حلقة فيه دولة الجزائر، فبمناسبة عيد تحريرها الستين، وبحضور كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، للاحتفالات، انتهز الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الفرصة ليجمع الاثنين، في محاولة منه لتجاوز الانقسام الفلسطيني، والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى ما هو مفترض أن تكون عليه، في مرحلة التحرر الوطني لشعبنا منذ قيام الثورة الفلسطينية.

 الرئيس تبون أيضاً أعلن استعداد الجزائر لاستضافة حوار وطني فلسطيني شامل، لبحث إنهاء الانقسام الذي يُلحق ضرراً كبيراً بقضيتنا وعموم أبناء شعبنا في مواجهة الاحتلال الذي تصاعدت حدته في الفترة الأخيرة ضد عموم شعبنا.

 من جانبها، رحبت الفصائل الفلسطينية بالمبادرة الجزائرية من أجل تعزيز وحدة الجبهة الداخلية، وإغلاق صفحة الانقسام الممتد منذ العام 2007، وتثبيت صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

 وأكد قياديون فلسطينيون أن المبادرة الجزائرية تشكل فرصة ثمينة أمام جميع القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية، من أجل تعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال. ونوهوا بأهمية إنهاء الانقسام الذي أفسد الحياة السياسية الفلسطينية، وخدم الاحتلال، ومكنه من التهرب من مسؤولياته في رفع المعاناة عن شعبنا، ووضْع حد لاحتلاله، بادعاءات مختلفة. ذلك أن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال يواجه ممارسات غير مسبوقة من التطرف والقمع والإرهاب على يد ائتلاف حكومي إسرائيلي يتفق على استبعاد مجرد الدخول مع الجانب الفلسطيني في حوار، يتجاوز التنسيق الأمني بين الطرفين، وتحسين مستوى معيشة الفلسطينيين تحت الاحتلال. اللقاء الثنائي في الجزائر يؤكد الموقف الثابت لدولة الجزائر من مناصرة الشعب الفلسطيني، وتوفير الظروف التي تساعد على تجاوز الخلافات الداخلية في الساحة الفلسطينية، وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في قيام دولته وعاصمتها مدينة القدس. كما قدمت الجزائر مساعدة مالية لدعم خزينة السلطة الفلسطينية بقيمة 100 مليون دولار، حيث لم تتخلف الجزائر يوماً عن الإيفاء بالتزاماتها لدعم الشعب الفلسطيني، طبقاً لقرارات الجامعة العربية، واجتماعات القمم العربية.

 إلى ذلك، فقد جاءت المبادرة الجزائرية في ظل تصاعد الهجمة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، حيث حمَّلت فصائل المقاومة الفلسطينية سلطات الاحتلال المسؤولية عن تداعيات المماطلة في رفع الحصار عن قطاع غزة، والتلكؤ المتعمد في ملف إعادة الإعمار. وطالبت الفصائل في ختام اجتماع لها، جرى في غزة مؤخراً، كافة الوسطاء بتحمل مسؤولياتهم قبل فوات الأوان، مشيرة إلى أن «التسويف والمماطلة سيؤديان إلى ما يتمناه الاحتلال». وأكدت الفصائل في اجتماعها دعم وإسناد قضية الأسرى في سجون الاحتلال، وبالأخص الأسرى الإداريون منهم، الذين ما زالوا مضربين عن الطعام، داعية لتصاعد الفعاليات الشعبية والجماهيرية لنصرتهم. بدوره، قال قيادي في لجان المقاومة الشعبية إن الاحتلال يرفض إدخال مواد الإعمار إلى قطاع غزة حتى اللحظة، ويتلكأ في الاستجابة لهذه المطالب، مثلما رفض مبادرات كافة الوسطاء. وهناك مخاوف من أن تؤدي تصرفات إسرائيل إلى تجدد المواجهات، ما يستدعي ضرورة تحرك المجتمع الدولي، ومنه الاتحاد الأوروبي، من خلال قرارات عملية واضحة لإلزام حكومة الاحتلال بالتوقف عن مشاريع الاستيطان، وإنهاء الحصار المالي على الحكومة الفلسطينية، عقب قرصنة الاحتلال لعائدات الضرائب، والذي يترافق مع انسداد أفق العملية السياسية. 

 يبقى القول: نأمل من الجزائر الشقيقة مواصلة عملها الدؤوب على إتمام المصالحة الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية فعلاً لا قولاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"