أجندة ماكرون الإفريقية

00:36 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تعزز زيارة ماكرون الثانية إلى إفريقيا، الجهود الدبلوماسية والسياسية، لتوسيع الحضور الفرنسي في دول القارة، وضم دول جديدة إلى مظلة النفوذ الفرنسي. وهي أهداف ركّز عليها ماكرون منذ انتخابه للرئاسة في مايو/ أيار من عام 2017، معتبراً أن تعزيز الشراكة الفرنسية الإفريقية من أولوياته السياسية والدبلوماسية.

 لكن تحقيق هذه الأهداف يواجه تحديات عدة، بعضها يتعلق بالبيروقراطية داخل أروقة صنع القرار الفرنسي، والتحديات الأخرى يطرحها منافسون جدد، يحاولون تكريس وجودهم على حساب الوجود الفرنسي، وفي مناطق نفوذه التاريخية.

 الاستراتيجية الفرنسية في القارة الإفريقية تتحرك على ثلاثة محاور رئيسية؛ تتمثل في تقديم العون العسكري للشركاء ضمن جهود الحرب على الإرهاب ومنظماته وجماعاته، إضافة إلى محور التجارة وتحقيق مكاسب مشتركة، عبر توفير رؤوس الأموال والمعرفة التقنية الفرنسية والاستثمار في موارد القارة، لدعم الاقتصادين الفرنسي والإفريقي.

 وتشكل قضية الهجرة غير الشرعية المحور الثالث للوجود الفرنسي في إفريقيا. وتتشارك فرنسا مع نظرائها الأوروبيين في مشاعر القلق إزاء تدفق المهاجرين الزاحفين إلى أوروبا عبر المسارات الحدودية المفتوحة من شرق ووسط وغرب القارة إلى سواحل البحر المتوسط، وصولاً إلى الشواطئ الأوروبية. وقال ماكرون في أحد تصريحاته: «نحن مدينون لإفريقيا، القارة التي تبهر العالم بأسره، وتخيف البعض أحياناً»؛ وذلك في إشارة إلى قوافل الشبان المهاجرين الذين يشقون طريقهم إلى أوروبا.

 هناك بالطبع محاور أخرى أقل أهمية وهامشية تحاول فرنسا عبرها تعميق وجودها في إفريقيا، ومن بينها المحور الثقافي وقضية التعاون في مكافحة الأوبئة وتداعيات التغير المناخي. وخلال القمة الفرنسية-الإفريقية الأخيرة في فرنسا، أعلن ماكرون إنشاء «صندوق الابتكار من أجل الديمقراطية في إفريقيا»، إلى جانب عدة مبادرات ثقافية أخرى. لكن هذه المبادرات لم تظهر على أرض الواقع، بسبب البيروقراطية الفرنسية.

 لقد مرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ زيارة ماكرون الأولى إلى إفريقيا. فعلى خلفية منافسة قوية من روسيا والصين، فقدت باريس وجودها العسكري في مالي. وربما يسعى ماكرون، في زيارته الحالية، إلى محاولة تعويض هذه الخسارة، عبر تعزيز الوجود الفرنسي في عدد آخر من دول القارة.

 وقال الإليزيه: إن جولة ماكرون الإفريقية الجديدة التي تستمر أربعة أيام، ستطرح قضايا الحكم، وسيادة القانون في كل مرحلة، من دون تحذيرات إعلامية، وستتم بتبادل الآراء بشكل مباشر مع نظرائه من رؤساء الدول الإفريقية؛ وهي خطة تهدئة يتم أخذها في الحسبان؛ لأنها تهدف إلى تفادي تكرار المواجهة التي وقعت مع المجلس العسكري في مالي مع دولة حليفة أخرى من دول المنطقة.

 ويشير اتجاه الجولة إلى أن ماكرون يريد الاستمرار في المشاركة في مكافحة انعدام الأمن الذي يهدد شركاءه في القارة، ويغذي الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، ويكافح لوقف أي تراجع استراتيجي في مواجهة خصوم بلاده أو منافسيها في القارة. المهم بالنسبة له الاستمرار في المشاركة في مكافحة انعدام الأمن الذي يهدد الشركاء الأفارقة، ويغذي الهجرة إلى أوروبا. أما الاستثمارات فيمكن أن تنتظر قليلاً بالنظر إلى الظروف الحالية التي فرضتها حرب أوكرانيا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"