عادي

المدير المالي المعاصر: في صدارة تحول الأعمال

16:47 مساء
قراءة 4 دقائق
جوردان برغر

* جوردان برغر

القادة الماليون الذين يطمحون إلى أن يصبحوا «مديرين ماليين معاصرين» ينظرون إلى التحول الرقمي كفرصة ليصبحوا الشركاء الاستراتيجيين الأقرب للمديرين التنفيذيين خلال السنوات الأخيرة، شهد منصب المدير المالي تطوراً لم يسبق له مثيل. فمن بدايات المديرين الماليين كمؤرخين للبيانات المالية والأداء، تطوروا إلى محللين فوريين وأصحاب رؤى يستفيدون من التكنولوجيا الاستشرافية.
بعد النظر في الماضي والحاضر والمستقبل، أين سيتجه التركيز التالي للمديرين الماليين؟
يضيف المديرون الماليون المعاصرون «الإلمام بالتكنولوجيا» إلى مجموعة أدواتهم، ليعيدوا بذلك تعريف فهمهم للاتجاهات والتحديات والفرص الكامنة خلف الأرقام التي كانوا يعتمدون عليها دوماً.
بالتساوي مع الرؤساء التنفيذيين، أصبحوا من أكثر القادة ووالمسؤولين نفوذاً، مزودين برؤى مدعومة بالتكنولوجيا لسرد قصة الصحة المالية لشركاتهم. ويتولون قيادة تحول الأعمال. وبهدف إحياء تلك الهوية الجديدة، فلنوصف العمل اليومي للمدير المالي المعاصر.
ليس من الصعب إيجاد المديرين الماليين اليوم. فهم ظاهرون بقوة في الشركة، ويتحدثون إلى أشخاص من كل المستويات، ويستمعون، ويستجيبون للطلبات من كل أنحاء الشركة. ويقودون من الأمام.
بصفتهم من المقربين الأساسيين للرؤساء التنفيذيين، قد يوجد المديرون الماليون بجانبهم في أحيان كثيرة، ما يؤثر في عملية صنع القرارات الاستراتيجية ويولي الأولوية للبيانات المالية الشاملة. ومع امتلاكهم للتكنولوجيا الرقمية، تدعم قدرة المديرين الماليين على تقديم بيانات مالية دقيقة وموجزة ومناسبة للرئيس التنفيذي لاتخاذ القرارات الكبيرة بسرعة.
لكن لا يمكن اعتبار المديرين الماليين المعاصرين شخصيات حصرية. إذ يتفاعلون باستمرار مع الفرق في كل أنحاء المؤسسة، بدءاً من المبيعات وخدمات العملاء وصولاً إلى التسويق والموارد البشرية، ويكتسبون فهماً لكيفية ارتقاء الاستثمارات المستقبلية في التكنولوجيا والمواهب بالفرق إلى مستويات جديدة. تتيح المنصات والتطبيقات السحابية المترابطة للمدير المالي الانغماس في أي وظيفة ضمن الشركة لفهم أدائها المالي وتحدياتها وفرصها بدقة.
وجد المديرون الماليون مكانهم في قلب الشركة، بالمعنى الحرفي والمجازي. يرسم ذلك الموقع المركزي طريقهم للتوصل إلى قرارات مبنية على المعلومات حول استراتيجيات وسياسات الشركة بأكملها.
لا يعمل المدير المالي المعاصر بمفرده، بل يجمع بين فرقه البشرية والتكنولوجيا الناشئة. تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي زملاءها البشريين، بما يشمل المديرين الماليين، على استشراف المستقبل وتصوره والتخطيط له.
يعمل المدير المالي في بيئة تتيح معالجة البيانات بسرعة وكفاءة وعلى نطاق واسع لإنتاج رؤى دقيقة. كما تصبح تلك التقنيات أكثر إلماماً بالشركات، وأكثر دقة، وتقدم رؤى أفضل، مع تعلم الذكاء الاصطناعي بمرور الوقت.
يؤدي المديرون الماليون دوراً حيوياً كحماة للاستراتيجية والرؤية بعيدة المدى. لن تجدهم يهتمون بصغائر الأمور. ولّى عهد قراءة كل سطر في دفتر الحسابات لأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تقدر على فعل ذلك بشكل أسرع وأكثر دقة، قبل الإبلاغ عن أي خلل. وفقط عند إيجاد أي خلل، يجب على المدير المالي التدخل وحل المشكلة بسرعة.
يشكل الاطلاع الواسع طريقة مؤكدة لاتخاذ قرارات صائبة. إضافة إلى ذلك، يمكنهم الاستثمار في موظفيهم مع توفير وقت المديرين الماليين عبر رقمنة التدقيق في سطور دفتر الحسابات والمهام اليدوية الروتينية الأخرى. يعني ذلك أنهم يمكنهم المشاركة في مزيد من المحادثات مع العملاء، والمزيد من جلسات العصف الذهني مع الزملاء، والتواصل مع المساهمين، والتي يمكنهم عبرها تطوير العلاقات الرئيسية وممارسة تأثيرهم المستوحى من البيانات.
يمتلك المدير المالي المعاصر موهبة اتخاذ القرارات الصحيحة دائماً. كما يثق الناس في حكمه، وتسرّهم قيادته.
لماذا؟ لأن تأثير الرؤى المبنية على البيانات في المديرين الماليين واضح. فهم يأخذون في اعتبارهم البيانات المالية والبيانات المجمعة من كل أنحاء الشركة بأكملها، ويكسبون ثقة كل الأقسام.
يؤدي امتلاكهم لتلك النظرة الشاملة للشركة إلى إمكانية إحداث التغيير بسرعة وفعالية عبر مختلف وحدات العمل. لا يعود ذلك فقط إلى تمتعهم بالتكنولوجيا المناسبة لإنجاز المهمة، إنما أيضاً إلى أن الشركة بأكملها تركب موجة التحول. لا يُستثنى أي فريق من ذلك، ويضمن المديرون الماليون اليوم فهم الجميع لدوافع التغيير والشفافية حول كيفية تحقيقهم للنجاح.
لكن بالطبع، لا يمكن التحكم في كل التغيرات. وعندما تتعرض شركة ما لتغيرات غير متوقعة، يتفاعل المدير المالي بسرعة البرق لأنه يعمل بمقاربة تركز على المستقبل. يُعزى ذلك إلى القدرات الاستشرافية، والتخطيط لحالات الطوارئ، والتوقعات المالية، والاستراتيجيات التي يمكنه رؤيتها أمامه في شكل رؤى مدفوعة بالذكاء الاصطناعي.
عندما يحدث أي اضطراب غير متوقع، يمتلك المديرون الماليون حرية التفكير في مقاربة مسؤولة لا تهتم فقط بالشؤون المالية إنما بالناس، عبر إدارة التوقعات بعناية لتجنب الهلع. كما يمتلكون التعاطف والتفهم، مع إبقاء جميع الفرق على اطلاع لمعرفة ما يعنيه التغيير بالنسبة لهم، بينما يخططون أيضاً لحماية الشركة بشكل أفضل من هكذا مواقف ومنعها من الوقوع مرة أخرى.
أصبح المديرون الماليون المعاصرون أكثر ظهوراً وأكثر ثقة وموثوقية ممن سبقوهم. ويتمتعون بما يلزم لقيادة شركاتهم خلال مرحلة التحول عبر الاعتماد على رؤى نوعية تمكّنهم من التفكير بشكل استراتيجي أكثر من أي وقت مضى.
من الماضي إلى الحاضر، ونحو المستقبل، وبالنظر إلى الصورة العامة، يتطلع المديرون الماليون المعاصرون دائماً إلى الأمام، ويقودون الشركة لتحقيق أهداف أكثر جرأة من أي وقت مضى.

* نائب الرئيس للشؤون المالية في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ لدى سايج

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"