العين: منى البدوي
بسبب حسن الظن أو الثقة المفرطة في الآخرين يقوم البعض بالتوقيع «على بياض» سواء كان على ورقة بيضاء عادية خالية من أي مضمون أو شيك بنكي، ليجد الشخص المُوقع نفسه مطالباً أمام ساحات القضاء بدفع مبالغ مالية، أو يفاجأ بمخالصة مالية دون علمه، أو إقرار باستلام مبلغ، أوغيرها من الأمور التي قد يتم تدوينها على الورقة الفارغة التي وقع الشخص عليها.
حذر محامون ومستشارون قانونيون من السلوكيات الخاطئة التي يمارسها بعض الأفراد مع غيرهم ممن تربطهم صلات قرابة أو تجارة أو مشاريع وتتمثل في التوقيع على شيكات دون تحديد المبلغ أو عدم كتابته بالأرقام والحروف وكذلك التوقيع على ورقة بيضاء قد يكتب عليها طرف آخر ما يشاء ثم يتم استغلالها ضد الطرف الموقع.. لأن التوقيع على ورقة بيضاء يعد بمثابة تخويل الطرف الآخر بتحرير بيانات أو إقرارات أو مبالغ مالية يلتزم بها الموقع.
التوقيع على بياض تفويض
وقال المستشار القانوني إبراهيم البادي: إن التوقيع على بياض من أخطر الأمور التي يقوم بها الشخص سواء كان هذا التوقيع على شيك أو على ورقة بيضاء أو على أي من الأوراق التجارية؛ إذ يخول الشخص القائم بالتوقيع على بياض حامل الورقة بتحرير ما يحلو له من بيانات أو إقرارات أو مبالغ مالية يلزم بها القائم بالتوقيع على بياض.
وأشار إلى أنه غالباً ما يكون القائم بالتوقيع على بياض، حسن النية في قيامه بهذا الإجراء؛ حيث يقوم بالتوقيع وهو يعتقد أن حامل الورقة البيضاء سواء كانت شيكاً أو مجرد ورقه عادية سيقوم بتعبئتها بما تم الاتفاق عليه أو بما يعلمه القائم بالتوقيع.
وذكر أن الخطورة تكمن في أنه لا مجال لافتراض حسن النية، خاصة أن النفوس تتغير عند بعض الناس ومن ثم يلتزم القائم بالتوقيع بكافة ما احتواه المستند من بيانات، مشيراً إلى صعوبة قبول الدفع بأن التوقيع كان على بياض أمام المحكمة المختصة حتى لو اختلف نوع القلم أو الحبر المحرر به التوقيع مقارنة بالحبر المدون به البيانات؛ حيث إن العبرة أمام المحكمة بصحة التوقيع.
وأشار إلى أنه في حال عدم قيام القائم بالتوقيع على أداء ما التزم به وفقاً للبيانات الموجودة في الورقة التي تحمل توقيعه ولجأ حاملها إلى القضاء سيتم الحكم بإلزامه بأداء كامل ما احتواه المستند وبالتالي يجب الامتناع تماماً عن التوقيع على أي مستند على بياض تحاشياً لآثار هذا التوقيع وما سيترتب عليه جراء ذلك.
الوعي ضرورة
وقال خميس الظاهري مستشار قانوني، يجب أن يعي جميع أفراد المجتمع بضرورة عدم التوقيع على أي مستند فارغ مهما كانت صلة القرابة بين الطرفين أو درجة الثقة، كما أن التوقيع يجب أن يتم بعد الاطلاع على محتوى الورقة أو الشيك والتأكد من دقة وصحة العبارات المدونة فيه، وذلك تجنباً للتعرض للاستغلال.
وذكر أن بعض هذه النوعية من القضايا الناتجة عن التوقيع على بياض تحدث أحياناً في نطاق الأهل والأسرة؛ حيث يتم التوقيع على بياض في أوقات تخلوا فيها النفوس من أي مشاحنات أو نزاعات، وبعد وقوع خلاف بينهما يستغل أحد الطرفين الآخر وهو ما شهدته ساحة المحكمة في قضية رفعها رجل ضد طليقته مطالباً إياها بسداد مبلغ يصل إلى المليون درهم، وذلك جراء توقيعها سابق لها خلال فترة زواجهما على شيك لا أرقام ولا حروف فيه.. شيك خالٍ من أي مبلغ مالي ما جعله يدون قيمة مبلغ عالية.
المضمون قبل التوقيع
وقالت المحامية فاطمة النيادي، أن هذه النوعية من القضايا يقع في شباكها الأشخاص الجاهلين بالمسؤولية القانونية جراء التوقيع على ورقة بيضاء وعدم إدراكهم لتبعات هذا الفعل الذي يجب أن لا يقوم به أي فرد تحت أي ظرف من الظروف.
وأشارت إلى أن الإصرار على عدم التوقيع على أي ورقة فارغة من المحتوى والمضمون أو شيك على بياض لا يعني عدم ثقة طرف بالآخر خاصة ضمن النطاق الأسري والعلاقات الاجتماعية، وإنما هو نوع من الالتزام بتطبيق الخطوات الصحيحة التي تنأى بالفرد عن التعرض للمساءلة القانونية وحفاظاً على الحقوق والمكتسبات.
