الخروج من التعثر ممكن

21:55 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة

هناك مشاكل صعبة تواجه الدول المتعثرة وتتطلب المعالجة السريعة. تكمن المشكلة أولاً في أن الوقوع في المعاناة ربما سهل لكن الخروج منها صعب. لا يمكن إنقاذ أي دولة عبر مساعدات الخارج فقط، بل يجب أن تأتي الحلول من الداخل أو لن تأتي. في لبنان مثلاً، نتكلم عن المؤامرات الخارجية ونريد الخارج أن يساعدنا ونلوم الجميع إلا أنفسنا، علماً أننا مدركون أن مشكلتنا فينا ولن تكون هنالك حلول صحيحة إلا عبر الداخل وبتعاون الجميع.

في مجموعة الدول المتعثرة، هنالك تحديات تأتي أقله من مصادر أربعة هي: الحروب الأهلية، سرقة الموارد الطبيعية من قبل الخارج بالتعاون مع بعض الداخل. هنالك أحياناً الجوار السيئ الذي يستغل أو يهدد أو يبتز أو يحاول الاحتلال أحيانا، وهنالك رابعا سوء إدارة الدولة واستغلال المواطن وسرقته مما يبقيه فقيراً معوزاً لا يعترض ولا يطالب بحقوقه. الحلول لهذه المآزق المختلفة معروفة، لكن التطبيق دائما صعب بسبب الفساد وسوء الرؤية وغياب روح المسؤولية كما المحاسبة:

أولا: في الموضوع الاقتصادي، لا بد من الانفتاح التجاري والمالي إذ لا يمكن النهوض مع الإغلاق وهذا ما تعرفه دول عدة ككوريا الشمالية. لا بد من تنويع الصادرات لمواجهة المخاطر. لا بد من الانفتاح لتشجيع الاستثمارات مع تأمين البنية التحتية الدنيا وهذا ما تعجز عنه دول كلبنان حيث مشكلة الكهرباء أصبحت مضرب مثل عالمي للفشل وسوء الأداء. لا يمكن لأي دولة أن تنجح من دون اتفاقيات واضحة تكون لصالح جميع الموقعين. حتى الولايات المتحدة توقع اتفاقيات تجارية ومالية مع الدول القريبة والبعيدة، فكيف إذاً لدولنا الصغيرة والضعيفة؟

ثانيا: الموضوع الإداري حيث الغنى المادي العام يهدر، وبالتالي يجب ضبط الأمور عبر تسليم أصحاب الكفاءة إدارة الموارد من طاقة ومعادن وغيرها. هنالك ضرورة لحسن استثمار الإيرادات عبر خلق وإدارة صندوق استثماري. نجحت النرويج والكويت وغيرهما في إدارة ثرواتهما في زمن البحبوحة تحضيراً لمراحل أكثر دقة وصعوبة.

ثالثا: الإصلاح القانوني أكثر من ضروري، وإلا حصلت شريعة الغاب والفوضى والسرقة. هنالك ضرورة دائمة لتطوير قوانين تحترم استخراج الثروات والأصول الطبيعية، كما الحرية والديمقراطية. الثروة الطبيعية هي في غاية الأهمية لنهوض الدول الفقيرة. لا بد من شفافية في الأمور المالية العامة بحيث تقر موازنات تعالج الأوضاع وتعطي أرقاماً واقعية يتم الالتزام بها.

هذه الأفكار مفيدة ولا بد من تنفيذها، لكن الأهم يبقى الدور الداخلي أي دور المواطن في الإنقاذ. إذا لم يطالب المواطن بحقوقه بشتى الوسائل الممكنة، لن يحصل الإنقاذ وستبقى الأوضاع سيئة. مطالبة المواطن بحقوقه دليل على الحيوية وعلى الرغبة في التغيير. من ناحية الكورونا، القضاء عليها نهائياً ربما يتطلب تغيير نمط الحياة أو قواعدها بحيث تصبح صديقة أكثر للطبيعة وللبيئة. التحديات التي نواجهها في مجتمعات اليوم ليست سهلة، وستأخذ الوقت الطويل لكن لا بد منها للإنقاذ النوعي المستدام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"