عادي

تغيّر المناخ وتكييف الهواء

21:10 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

(سيانتفيك أمريكان)

تجتاح موجة حارة منطقة جنوب آسيا في الوقت الراهن على نحوٍ تحطمت معه الأرقام القياسية لدرجات الحرارة، ما يمثل تهديداً لمئات الملايين من البشر في ظل درجات حرارة قاتلة، تتجاوز بكثير 37 درجة مئوية، ومع ارتفاع درجات الحرارة في شتى أنحاء العالم، يحتاج الملايين من البشر إلى تكييف الهواء.

وظلت هذه التكنولوجيا التي تبلغ من العمر 120 عاماً تُعد ضرباً من الرفاهية لوقت طويل، أمّا في عصر تغيّر المناخ، فقد صارت ضرورة لازمة، لضمان حياة البشر، بطبيعة الحال، وأثارت هذه المسألة حالة من القلق بشأن التهديد المناخي المتوقع حدوثه نتيجة لازدحام العالم بأجهزة تكييف الهواء، بيد أن الطفرة المرتقبة في مجال تكييف الهواء تتمثل في حدوث تحوُّل جذري على طريق تقليص الفجوة الهائلة القائمة بين الأغنياء والفقراء، سواء على مستوى الأفراد أو البلدان، فيما يتعلق بتوفير إمكانية تبريد الهواء، وأيضاً على طريق خلق عالم أكثر إنصافاً وعدلاً.

ومن بين أجهزة تكييف الهواء المستخدمة على مستوى العالم التي يبلغ عددها حالياً ملياري وحدة، تتركز الأغلبية العظمى من هذه المكيفات بنسبة كبيرة في البلدان الغنية بأمريكا الشمالية وشرق آسيا، أما في المناطق الأكثر حرارة على الصعيد العالمي، فلا تتخطى نسبة امتلاك مكيفات الهواء 12% فقط، في مقابل أكثر من 90% بالولايات المتحدة واليابان، ولكن مع نمو الثروة في يد فئات سكانية جديدة، واستمرار درجات الحرارة في الارتفاع، فلا شك أن هذا الاتجاه سيتغير، وأن التغير سيكون جذرياً.

وفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة، من المتوقع أن يشهد العالم بحلول عام 2050 إضافة 4 مليارات جهاز تكييف أخرى إلى الوحدات الموجودة حاليّاً، وهي زيادة مدفوعة بالأساس بزيادة الطلب في الاقتصادات الناشئة، مثل الهند وإندونيسيا، وجدير بالذكر أن مكيفات الهواء من الأجهزة كثيفة الاستخدام للطاقة، لاسيما في حالة استخدام أنواع معدومة الكفاءة، ما يعني أن تلك البلدان ستحتاج إلى كميات إضافية من الكهرباء.

وفي واقع الأمر، قد تصبح مكيفات الهواء مسؤولة عن نسبة تراوح بين 20% و44% من الأحمال الكهربائية في وقت الذروة على الشبكة الكهربائية للهند بحلول عام 2050، وإذا اعتمد توفير إمدادات هذه الطاقة على الوقود الأحفوري - كما هي الحال عادةً في المناطق التي تشهد أعلى معدلات نمو، والتي منها الهند وإندونيسيا ـ فستُصاحب تلك الزيادة تأثيرات جوهرية على انبعاثات الغازات الدفيئة حول العالم.

وتثير تلك التوقعات شعوراً بالهلع، فهل يمكن أن تتحول الحاجة إلى تبريد المباني في نهاية المطاف لتصير أداة لتأجيج لهيب الكوكب؟ في الواقع، ليس هذا بالسؤال الذي يجدر بنا طرحه؛ فالاستغناء عن مكيفات الهواء لم يعد خياراً مطروحاً، كما أنه لا ينبغي أن يكون هدفاً في حد ذاته؛ لذا، فبدلاً من النظر إلى الأمر كونه يعد تهديداً، يتعين علينا أن نراه بوصفه فرصة لاستكشاف تقنية لتبريد الهواء تكون أكثر مراعاة للبيئة، إلى جانب التشجيع على استخدام الطاقة المتجددة، في الوقت نفسه، يمكن باستخدام تكييف الهواء تحقيق المساواة على صعيد الأحوال المعيشية بين البلدان المختلفة كونها تعد جزءاً لا يتجزأ من مكونات العدالة المناخية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"