دروس إماراتية

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

«إدارة الأزمات».. علم وفن، لا تجيده إلا الأمم التي تعرف طريقها نحو المستقبل، ورغم تعدد التعريفات التي تشرح مفهوم «إدارة الأزمات»، إلا أنه يمكن القول إنها «عمليات تتضمن التنبؤ بالإشكاليات والأزمات المتوقعة وتحديد الإجراءات المفروض اتباعها حال حدوثها؛ ثم إعادة التوازن عبر معالجات سريعة، لا تتوقف عند حل المشكلة الآنية بل تتجاوزها، لوضع أسس تلافي آثارها السلبية، كي لا تحدث من الأساس أو لا تتكرر آثارها السلبية في المستقبل».

والإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تملك براءة اختراع المنهج العلمي لهذا الفن، وتجيد تطبيقه، بل وتدريسه للآخرين. هذا الكلام تدعمه الأدلة والأسانيد، والتجربة الشاهدة على حجم وقيمة ما يتم إنجازه، وأبرز مثال على ذلك ما قامت به أجهزة الدولة بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال التعامل مع تداعيات الأمطار التي سقطت على مناطق متفرقة من الدولة، حيث تم تسجيل أعلى معدل لكمية أمطار بلغت 234.9 مليمتر في ميناء الفجيرة منذ 30 سنة مضت خلال شهر يوليو/تموز تحديداً.

الإمارات قدّمت خلال أزمة الأمطار، وما زالت، عدداً من الدروس الملهمة لغيرها من الدول في كيفية إدارة الأزمات، ومواجهة آثارها أو الحد منها، وأهم هذه الدروس:

أولاً: الاستعداد المبكر؛ حيث لم تترك الجهات المعنية في الدولة شيئاً للتوقعات والتخمينات، بل اتخذت العديد من الإجراءات الاستباقية للتأهب للحالة الجوية؛ إذ قام المركز الوطني للأرصاد بإصدار أول تقرير عن الحالة الجوية بتاريخ 23 يوليو، موضحاً أسبابه والآثار المحتملة على الدولة، وتم إرساله إلى كافة أجهزة الدولة المعنية، تلاه إصدار 20 تحذيراً من بداية الحالة وإرسال 70 تنبيهاً على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة لوسائل الإعلام المختلفة.

ثانياً: السرعة والجاهزية، إذ تم التنسيق مع أكثر من 20 منشأة فندقية، لتوفير 827 وحدة سكنية بطاقة استيعابية تفوق 1885 شخصاً في مختلف إمارات ومناطق الدولة كمرحلة أولى، زادت خلال الحدث إلى وحدات تستوعب ما يزيد على 4 آلاف شخص.

ثالثاً: المتابعة والإنجاز، حيث الأرقام هنا تتحدث عن نفسها، وتؤكد حجم وقيمة ما تم تحقيقه إذ شارك 4 آلاف و816 عنصراً معززين ب 1198 آلية ودورية في عمليات الإخلاء والإنقاذ، وتمت استعادة الحياة الطبيعية، وعودة الحركة المرورية بشكل كامل إلى جميع الطرق في المناطق المتضررة بالدولة التي استعادت رونقها وحياتها الطبيعية. 

رابعاً: رؤية وخطط مستقبلية، ففي الإمارات لا مكان للصدفة.. وتطبيقاً لذلك يقوم المركز الوطني للأرصاد بتحليل خرائط الطقس والبيانات، ومتابعة الأقمار الاصطناعية وشبكة الرادارات المنتشرة في مختلف مناطق الدولة، ويطلع بشكل فوري على كافة تطورات الحالة الجوية، ويعمل الفريق الفني للمركز على مدار الساعة لمراقبة الطقس واستمرار إصدار التقارير والتحذيرات اللازمة، وإرسال المعلومات ومشاركتها مع الجهات المعنية الأخرى لأخذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة.

في الإمارات.. لا مكان للتهوين أو التخمين ولا وقت للتهاون.. والشعار هو الدقة والإنجاز من أجل شعب سعيد وغدٍ أفضل..

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"