عادي
أوراق قضائية

مدير مدرسة

23:27 مساء
قراءة 3 دقائق

كتب: محمد الوسيلة

لم يشفع له تاريخه التربوي ولا خبرته ومكانته المهنية، كونه يعمل مديراً في سلك التعليم بإحدى مدارس الدولة من تعرضه للاتهام الجائر بالاستيلاء على أموال الغير من مرؤوسيه في المؤسسة التعليمية التي يدير شؤونها بكفاءة، عندما تقدم موظفان أحدهما عامل حراسة بالمدرسة التي يجلس على كرسي إدارتها بعريضة دعوى إلى النيابة العامة؛ حيث زعما بأن مدير المدرسة درج على أخذ مبالغ منهما عندما حضرا إلى العمل بالمدرسة، واستمر بأخذ مبالغ عند تجديد إقامتيهما كل سنتين، فكان الاتهام صادماً، كما أن الاتهام يثير الريبة، ويحبط الجميع باعتبار أن المتهم جزء أصيل من الميدان التربوي بالدولة الذي يحوز مكانة مرموقة يترفع عن كل تلك الأمور التي قد تحدث خارج أسوار الميدان.

ما أسهل الاتهام بغض النظر عن الأضرار التي يمكن أن تلحق بالمتهم إن كان صحيحاً أو خطأ، وبالمقابل ما أصعب إثبات كذب هذا الاتهام الذي شكل تحدياً أمام الموظفيّن، عندما تقدما إلى النيابة العامة بخورفكان في وقت سابق يفيدان بأنهما تعرضا للاستيلاء، بعد أن قام المتهم (مدير مدرسة) التي يعملان بها بأخذ مبالغ مالية منهما عندما حضرا للعمل بالمدرسة، واستمر بأخذ مبالغ أخرى عند تجديد إقاماتيهما بعد انقضاء أمدها كل سنتين.

وطبقاً لإجراءات المنظومة العدلية بالدولة، فرغت النيابة بخورفكان من تحقيقاتها في الدعوى الجنائية، وبسؤال المتهم في تحقيقات النيابة، أنكر التهمة الموجهة إليه، مؤكداً أن منصبة الإداري لا يعطيه أي صلاحيات تخوله أخذ أموال من الموظفين لوجود موظف آخر يدير الحسابات الخاصة بالمدرسة ومعاملات الجهات المختصة بالإقامات، فأحالت النيابة العامة أوراق القضية إلى المحكمة المختصة بخورفكان؛ حيث طالبت محامية المتهم بعد أن اعتلت منصة القضاء ببراءة موكلها، وقدمت مذكرة دفاع أرفقت معها حافظة مستندات من ضمنها وكالة صادرة عام 2018 من قبل مالك المدرسة للمجني عليه تفيد بتعيين واستقدام العمال الجدد، وتجديد إقامتهم؛ وذلك بالظهور أمام الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، وأن مهام تجديد الإقامات واستقدامها ليست من ضمن مهام موكلها، وهو المدير المفترى عليه، ودفعت المحامية في مرافعتها بكيدية الدعوى، وأن ما ذُكر فيها مجرد تلفيق لا يليق بمقام مدير مؤسسة تربوية تعلم الأجيال مبادئ الصدق والأمانة والحقوق والواجبات، وأكدت في مرافعتها عدم وجود أي دليل مادي يثبت أقوال المدعيين.

وجاءت ساعة الحقيقة عندما قامت المحكمة المعنية بنظر القضية بفحص الأدلة المقدمة، وما ورد بأقوال الموظفين من تضارب في الأقوال؛ حيث أفادا بأن المتهم استلم منهما أموالاً نقداً وتم استقطاع المبلغ عبر خصمه شهرياً من راتبيهما، في وقت خلت الأوراق من أي إفادة رسمية من إدارة المدرسة تفيد بذلك الخصم حتى يمكن الجزم بصحة إفادتهما في ذلك، كما أن دفع المتهم ابتداء بإنكار الاتهام جملة وتفصيلاً، استناداً على فرضية أن مسألة استخراج وتجديد الإقامات للعاملين بالمدرسة ليست من مهامه؛ بل من مهام موظف آخر بالمدرسة وهو المكلف بأمر تعاملات الإقامات وقدَّم المتهم ما يثبت ذلك متمثلاً في صورة من وكالة قانونية تفيد أن تعيين واستقدام العمال الجدد وتجديد إقامتهم ليست من مهامه والظهور أمام الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب كان حاسماً في سير العدالة لمصلحته، ما دفع هيئة المحكمة للتأكيد والجزم بأن الاتهام لم يقدم ما يفيد ويناهض هذا المستند وهو حجة قاطعة للتشكيك في ارتكابه الجرم المسند إليه ويعد كافياً للقضاء ببراءته ليقين المحكمة ثبوت براءة المتهم من التهمة المسندة له بنص المادة 211 من قانون الإجراءات الجزائية.

وبعد الاستمتاع إلى مرافعة الدفاع انتصرت العدالة لمدير المدرسة وللميدان التربوي عندما قضت محكمة خورفكان الاتحادية الابتدائية ببراءته من التهم المنسوبة إليه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"