عادي
الكرة في ملعب التطوير والتمويل

خبراء يطالبون بتحفيز المستثمر العقاري لامتصاص تأثير رفع الفائدة

23:24 مساء
قراءة 8 دقائق
402
401

دبي: ملحم الزبيدي

أكد خبراء ماليون وعاملون في القطاع العقاري المحلي ضرورة توفير المزيد من التسهيلات والمحفزات للمستثمرين والمشترين باتجاه امتصاص تداعيات وتأثير ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً، وقالوا «إن الكرة في ملعب شركات التطوير العقاري وشركات التمويل والبنوك».

وأوضحوا أن العلاقة بين أسعار الفائدة والاستثمار العقاري تتسم بالعكسية، فما إن يحدث ارتفاع في أسعار الفائدة حتى نلاحظ مباشرة حالة من الركود في الاستثمار، كما كان حجم الزيادات الحالية على أسعار الفائدة كبيراً بالفعل، ما ترك آثاراً في السوق العقاري العالمي. وتشير التوقعات قصيرة الأجل إلى احتمالية استمرار هذه الزيادات، إلا أن التأثيرات بعيدة المدى لا تزال غير واضحة المعالم.

ولفتوا إلى أهمية الاستثمار في العقار ودوره الحيوي في التحوط من الغلاء كونه أحد أبرز القطاعات الآمنة للاستثمار على المدى الطويل. كما شددوا على إجراءات البنوك المركزية الهادفة لمحاربة التضخم عبر رفع نسب الفائدة مما يجعل الحصول على التسهيلات الائتمانية والقروض العقارية أغلى، لذا، سيظل الحفاظ على نهج استباقي في إدارة تكاليف التمويل أمراً أساسياً في بيئة السوق الحالية.

قرارات مستنيرة

أوضح أيمن يوسف، نائب رئيس شركة «كولدويل بانكر» الإمارات، أن العلاقة بين أسعار الفائدة والاستثمار العقاري تتسم بالعكسية، فما إن يحدث ارتفاع في أسعار الفائدة حتى نلاحظ مباشرة حالة من الركود في الاستثمار، حيث إن معظم الاستثمارات العقارية تعتمد على الاقتراض، بما معناه أنه مع ازدياد أسعار الفائدة ستزداد الكلف المترتبة على المستثمرين لتصبح عملية الاقتراض أكثر تكلفة مما كانت عليه. بالنسبة لخطط التوفير البنكية فستعود بعائد أكبر نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، تساهم هذه الخطوة بكبح جماح التضخم العالمي. كما يجدر بالذكر أن الاستثمار العقاري هو أهم أنواع الاستثمارات.

وقال يوسف: «حتى الآن لم نشهد أي مؤشرات تفيد بتباطؤ الأنشطة ولكن الأسعار اليوم أكثر استقراراً مما كانت عليه، ونتوقع أن تحافظ على استقرارها حتى نهاية هذا العام». وأضاف قائلاً: «ما يقارب نصف التحويلات البنكية في دبي تحدث في عمليات السحب النقدي خارج الخطة، حيث يقدم المطورون خطط سداد سهلة. ومن المؤشرات الإيجابية الأخرى الزيادة في إجمالي العائد في الأشهر القليلة الماضية».

وحول أهم الإجراءات التي ينصح باللجوء إليها لتخفيف آثار ارتفاع أسعار الفائدة، أفاد نائب رئيس شركة «كولدويل بانكر» الإمارات قائلاً: «وفقاً لتوجهات الحكومة بإنشاء مبادرات تنظيمية رئيسية لجذب المزيد من الناس للزيارة والعيش، أو العمل، أو بهدف الاستثمار في الأعمال التجارية، كل هذا لعب دوراً رئيسياً في زيادة الطلب على العقارات ما يحمل المطورين مسؤولية أكبر تدفعهم لوضع مصلحة المستثمر نصب أعينهم والتركيز على تقديم تصميمات جذابة وتقديم قيمة أفضل لعملائهم مع خطط دفع جذابة، بما معناه أن وكلاء العقارات بحاجة إلى مساعدة عملائهم في اتخاذ قرارات مستنيرة».

توفير المحفزات

وأكد إسماعيل الحمادي، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة «الرواد للعقارات»، أهمية توفير المحفزات من قبل المطورين العقاريين في السوق المحلية لمواجهة ارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنوك. وقال: «إن الكرة الآن في ملعب المطورين من خلال اجتهادهم في البحث عن الآليات التي تمكن السوق من الحفاظ على زخم المبيعات المحققة في العام الماضي والنصف الأول من العام الجاري».

وأضاف الحمادي، أن العديد من المستثمرين اتخذوا قرار شراء عقار في دبي خلال الفترة التي سبقت رفع الفائدة، والآن الموقف قد لا يكون نفسه بسبب التغيرات التي شهدتها الأسعار العالمية، لذلك من الأفضل للسوق العقاري المحلي والقطاعات المرتبطة به كالبنوك طرح مزايا جديدة لتحفيز هؤلاء المستثمرين كتسهيلات سداد طويلة الأمد وتخفيضات سعرية تتناسب ونسبة الفائدة التي تم اعتمادها من قبل البنوك. وقال: «من المرجح أن تؤثر هذه التسهيلات في أرباح الشركات العقارية لكنها الأفضل لجميع الأطراف خاصة والسوق بشكل عام، فالحفاظ على زخم المبيعات بأرباح معقولة أفضل بكثير من انخفاض كبير للمبيعات وانخفاض في الأرباح أيضاً».

ارتفاعات قياسية

وعبر عن تخوفه من انخفاض حماسة الشراء لدى المستثمرين خاصةً صغار المستثمرين من الطبقة المتوسطة المستهدفة للشقق السكنية، والتي ستعيد دراسة قرار الشراء أكثر من مرة، لافتاً إلى أن الارتفاعات القياسية التي حققتها المبيعات في نهاية 2021 والنصف الأول من العام الجاري، حفزت وشجعت الكثير من المطورين على طرح العديد من الوحدات السكنية الجديدة لتلبية الطلب المتزايد، كما ساهمت المبيعات في تقليص حجم المعروض العقاري في السوق.

وتوقع الحمادي، أن تحافظ السوق على تنافسيتها في ظل الإقبال الكبير للمستثمرين الأجانب خاصةً من قبل المستثمرين الروس الباحثين عن الملاذ الآمن لاستثماراتهم، مؤكداً أن دبي المكان المناسب للمستثمرين الأجانب في ظل سهولة ممارسة الأعمال وسهولة التنقل بين دول ومدن العالم خاصةً المدن المالية والاقتصادية فضلاً عن المزايا الكبيرة للمستثمرين.

استمرار الزخم

من جانبه، أشار مهند الوادية، المدير التنفيذي في شركة «هاربور العقارية»، إلى أهمية الاستثمار في العقار بهدف التحوط من الغلاء كونه أحد أبرز القطاعات الآمنة للاستثمار على المدى الطويل ومن جانب آخر البنوك المركزية تستمر بمحاربة التضخم عبر رفع نسب الفائدة ما يجعل الحصول على قروض عقارية أغلى. ولكن هل المشترون في دبي مستثمرين أم مشترين نهائيين؟ وهل يدفعون نقداً أم عبر تمويل بنكي؟

حسب تحليلي القطاع سيستمر في زخمه بسبب قدرة دبي على استقطاب أصحاب الثروات والمستثمرين الذهبيين الباحثين عن مدن توفر الأمن والأمان وفرص عادلة للنجاح الآن وفي المستقبل ليستقروا فيها ويطوروا أعمالهم واستثماراتهم. في خضم التوتر والتقلبات الصحية والسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم فأإن دبي تستمر بتوفير عوامل جذب حقيقية للمستثمرين من كل أنحاء العالم.

جاذبية الأسعار

بين محمد كسواني، المدير التنفيذي لشركة «مورتجاج فايندر»، أنه على ضوء قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في مارس 2022 لأول مرة منذ العام 2018، ربما يكون من السابق لأوانه تقييم التأثير في هذه المرحلة، لاسيما أنه تم التفاوض على معظم المعاملات العقارية التي أبرمت في الربع الثاني قبل حلول شهر إبريل من هذا العام.

وقال كسواني: «إذا افترضنا وجود طلب قوي للغاية، وبمستوى يتغلب فيه على ارتفاع أسعار الفائدة، فإن الزيادة في سعر الفائدة مع هذا السيناريو ستظل محافظة على جاذبية الأسعار للمستخدمين النهائيين والمستثمرين. وهذا ما نشهده بالفعل في سوق العقارات في دولة الإمارات في الوقت الراهن، أي أن ارتفاع سعر الفائدة أو التأثير في أسعار العقارات والمعاملات العقارية».

فائدة ثابتة

وأوضح قائلاً: «استجابة لارتفاع أسعار الفائدة، بدأت بنوك الإمارات في تقديم أسعار فائدة ثابتة طويلة الأجل على الرهون العقارية، تبدأ من 3.5% ولمدة تصل إلى 5 سنوات. وتبدي المؤسسات المالية تفاؤلاً بشأن الأسعار المتوقع انخفاضها حال استقرار معدل التضخم في غضون السنوات القليلة المقبلة. لذا لن يتأثر المقترضون بذلك، كما أن غالبية المشترين من الهند وباكستان وروسيا ومصر ودول أخرى معتادون على معدلات الفائدة العالية التي تصل إلى 10%، وبالتالي فإنهم يرون أن معدلات الرهن العقاري في الإمارات تبدو واقعية».

وأكد كسواني أن قطاع العقارات في دبي يتمتع بدرجة ممتازة من الحماية ضد التقلبات الاقتصادية، وعلى نحو تتفوق فيه على أي سوق متقدم آخر حول العالم. وتسهم السياسات القانونية والاقتصادية القوية المعمول بها في دولة الإمارات، إلى جانب الرؤية بعيدة المدى، في تأمين السلامة والاستقرار في القطاع، وتمكينه من الوصول إلى آفاق جديدة في المستقبل القريب والبعيد.

نهج حكيم

ورغم الاعتقاد السائد بأن زيادة أسعار الفائدة ترفع كلفة شراء العقارات والرهون المرتبطة بها، يلاحظ أن بنوك الإمارات تقدم الكثير من الحلول، ومنها إمكانية تثبيت أسعار الفائدة لعدد محدد من السنوات. لذلك، يقوم العديد من المستثمرين ممن يعتقدون أن أسعار الفائدة سترتفع أكثر في الأشهر والسنوات المقبلة، بإتمام مشترياتهم في الوقت الراهن عن طريق الاستعانة برهون عقارية ذات معدل فائدة ثابت. ويترك ذلك تأثيراً إيجابياً في حجم المبيعات الآن، نظراً لاندفاع المستثمرين لضمان شراء العقارات بمعدلات رهون معقولة.

وحول أهم الإجراءات التي ينصح باللجوء إليها لتخفيف آثار ارتفاع أسعار الفائدة، بين كسواني أنه يجب على العملاء اتباع نهج حكيم في التعامل مع مواردهم المالية، خاصة أن انخفاض القدرة على تحمل تكاليف السكن يضيف ضغطاً على الموارد المالية للأفراد. وعندما ننظر إلى القدرة على تحمل تكاليف السكن هذا الصيف مقارنةً بالصيف الماضي، والعوامل الأخرى المتعلقة بارتفاع أسعار المساكن والفائدة، سنكتشف أن مدفوعات الرهن العقاري الشهرية قد ارتفعت بنسبة تقارب 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وسيضيف هذا حتماً المزيد من الضغوط على الموارد المالية للأسرة.

مناخ إيجابي

قال أنتوني تايلور، رئيس قسم العقارات بشركة «الإمارات دبي الوطني لإدارة الأصول»: «لم يعد خافياً على أحد أن ارتفاع أسعار الفائدة عادةً ما يكون له تأثير سلبي في أسواق العقارات، لاسيما أن القطاع العقاري قد تمتع، على مدار العقد الماضي، بمنظومة أسعار فائدة منخفضة بشكل غير مسبوق، ما يعني أن حدوث أي تغييرات طفيفة على أسعار الفائدة ستصاحبها تبعات أكبر على السوق. أي أن الزيادة بمقدار 75 نقطة أساس على سعر الفائدة الحالي، الذي يبلغ 2% سيكون لها تأثير أكبر مما لو كانت أسعار الفائدة 5% قبل الزيادة».

وأوضح تايلور: «هذا وكان حجم الزيادات الحالية على أسعار الفائدة كبيراً بالفعل، ما ترك آثاراً في السوق العقاري المحلي. وتشير التوقعات قصيرة الأجل إلى احتمالية استمرار هذه الزيادات، إلا أن التأثيرات بعيدة المدى لا تزال غير واضحة».

وبرغم أسعار الفائدة المرتفعة، فإن السوق العقاري في دولة الإمارات يتحسن بشكل كبير في الوقت الراهن، مستفيداً من نجاح الدولة اللافت في استضافة «إكسبو 2020 دبي»، وقدرتها على المضي قدماً وتخطي تداعيات جائحة «كوفيد-19» بصورة شكّلت نموذجاً تقتدي به باقي دول العالم. وتزامن ذلك مع إطلاق وتحديث عدد من قوانين الإقامة التي ساهمت بتعزيز جاذبية الاستقرار في دولة الإمارات بالنسبة للوافدين. استطاعت هذه العوامل تعزيز المناخ الإيجابي في السوق العقاري المحلي. ومع ذلك، فإن معرفة ما إذا كان للارتفاع المتزايد في معدلات الفائدة تأثير كافٍ لتثبيط حالة النمو الحالية في القطاع، تعتبر أمراً غير محسوم.

ارتفاع التكاليف

وأضاف قائلا: «لم يصل تأثير قرارات رفع أسعار الفائدة إلى السوق العقاري بشكل مباشر بعد، فنحن ما زلنا نشهد ارتفاعاً في الأسعار والقيمة، وإن كان ذلك بمعدلات قد تكون أبطأ مما كانت عليه في عام 2021 بالرغم من هذه القرارات برفع أسعار الفائدة. ومع ذلك، فإننا نمتلك ضمن محفظتنا مستويات ديون معرّضة للتأثر جراء ارتفاع أسعار الفائدة، الأمر الذي يعتبر مدعاة للقلق، لاسيما أن ذلك يعني بالضرورة ارتفاع تكاليف المحفظة. لذا، سيظل الحفاظ على نهج استباقي في إدارة تكاليف التمويل أمراً أساسياً في بيئة السوق الحالية».

وأوصى تايلور بأنه في ظل بيئة تعتبر أسعار الفائدة فيها مرتفعة أو آخذة في الارتفاع، يجب على مديري المحافظ وملاك العقارات التأكد من أن مستويات ديونهم هي ضمن حدود يمكن إدارتها، وخاصة فما يتعلق بقيم الأصول الأساسية في محفظتهم (نسب القرض إلى القيمة)، وكذلك معرفة إلى أي مدى يمكن للإيجارات التي يتلقونها تغطية مدفوعات الفائدة المستمرة والمتزايدة (نسبة تغطية خدمة الدين).

ومن ناحية أخرى، يعد التحوّط طريقة أخرى للتخفيف من المخاطر في بيئة أسعار الفائدة المتقلبة، حيث يقوم المقترض بتثبيت معدل الفائدة لفترة من الوقت. هذا وقد لا يكون التحوط النهج الأفضل في البيئة التي تشهد معدلات فائدة مرتفعة أو آخذة بالارتفاع، لاسيما أن اعتماده قد يؤدي إلى تجميد أسعار الفائدة المرتفعة تلك مستقبلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"