لكي لا نكون سجناءهم

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

البعض يوجهون إرشادات، تستهدف تنمية الذات، والتطوير والسلام النفسي، ويقدمون نصائح، قطعية، حاسمة، في جوانب حياتية، تحتاج للتنوع والمهارة، بمعنى أنه لا توجد قاعدة محددة واحدة يمكن الوقوف عليها. أسوق مثالاً للمزيد من التوضيح، عندما يقول أحدهم: «توقف عن الاهتمام بما يعتقده الآخرون عنك» يقصد ألا تلقي أي بال بما يحسبه الآخرون ويظنونه عنك، قم بما يلزم من العمل الصائب وحسب، والحقيقة أن مثل هذه الجملة تحتمل الخطأ من جانبين اثنين، الأول: قد يكون في اهتمام الآخر، فائدة، فالنقد الذي قد نسمعه، قد يجنبك الوقوع في مشكلة ما، وإن كان رأي الآخر سلبياً فمن المهم الاستماع والإصغاء له، ودراسته؛ ليست المشكلة أن يقول أحدهم إننا نرتكب خطأ، لكن المشكلة هو عدم الإصغاء، وعدم محاولة معرفة، هل فعلا هناك خطأ؟ بمعنى أن إغلاق الأذن قد يكون ممارسة ضارة، وما الذي يمنع أن نستمع لوجهات النظر، مهما كانت؟ فإن وجدناها سلبية، ولا تقدم أي فائدة تذكر، نتجنبها. الثاني: في مثل هذه الجملة إنكار لأثر النصيحة، فالبعض من الناس، يقدمون آراءهم من باب النصيحة، وليس من باب التقليل أو الحسد، لذا من الأهمية أن نمارس حسن الظن بالآخرين، وأن نملك القدرة على الإصغاء لصوت العقل، وأن يكون القرار وفق المنطق والواقع، وألا يكون الرفض وعدم الاستماع، هما الحالة المشاعة.
هذه الكلمات، لا تعني التعلق بكل ما يقوله عنك الآخرون، ولا تعني استجداء رأيهم، ولا تعني انتظار وجهات نظرهم، والأهم أنها لا تعني التسليم بما تسمع، واعتباره الحقيقة المطلقة؛ مرة أخرى ليس كل ما يقال صحيحاً مئة بالمئة، وأيضا قد لا يكون خاطئاً تماماً، والدرس والعبر هنا، هي العقل، فكر ملياً، بما تسمع، بما يتفضل به الآخرون، خاصة من هو قريب منك، وتعرف أنه يهتم لأمرك، وفي اللحظة نفسها، لا ترخِ السمع لكل صوت، قد يعطل مشروعك أو يسبب ربكة، وكما قال الفيلسوف الصيني القديم، لاو تزه: «اهتم بما يعتقده الآخرون، وستظل دائماً سجينهم» وحتى لا تصل إلى هذه المرحلة، أحسن الاستماع، واعرف ممن تأخذ النصيحة والمشورة، ففي قول البعض، وفي رأيهم، نصيحة ثمينة، لا تغلق أذنيك وعقلك، عن أي صوت، لكن طوِّر حاسة الفهم والوعي والمعرفة، لتدرك الصالح من الطالح.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"