عادي
ألف دافع وراء التأليف

مارجريت أتوود: الكتابة تنقذنا من الفوضى

16:13 مساء
قراءة 3 دقائق
1 - Margaret Atwood There is no point in looking for reasons to write
مارجريت أتوود

كانت رواية «الوصايا» هي آخر ما أصدرته الكاتبة الكندية الفائزة بالبوكر، مارجريت أتوود عام 2019 وها هي تعود، في بداية العام المقبل، بمجموعة تحتوي على خمس عشرة قصة قصيرة، تتناول فيها العلاقات الأسرية والزواج والخسارة والذاكرة، وما يعنيه قضاء حياة طويلة بين زوجين أو صديقين أو أختين.

في المجموعة القصصية تتخيل الكاتبة لقاء بينها وبين جورج أورويل، خلال جلسة لتحضير الأرواح، ورثاء حيوان ميت، كما تتعرض بعض القصص لتساؤلات مثل، ما التاريخ؟، هل الآثار تحكي التاريخ كما ينبغي؟، إنها قصص تحمل طابعاً «شخصياً» حسب تصريحات ناشر المجموعة.

كانت أتوود قد قدمت تأملاتها حول الكتابة، من خلال كتاب عنوانه «مفاوضات مع الموتى» ويضم مجموعة محاضرات ألقتها على الطلاب في جامعة كامبريدج.

تقول: «بمرور الوقت تناثرت أحلامي العظيمة، بل الغائمة، تاركة وراءها نوعاً من الخواء المخيف، وبدا الأمر كأنني شاب، وجد نفسه في مكتبة كبيرة، فراح يحملق حوله في آلاف الكتب، ويتساءل عما إذا كان لديه شيء ذو قيمة يضيفه».

ترى أتوود أن الكتابة ذاتها بغيضة دائماً بما يكفي، أما عن الكتابة فمن المؤكد أنها أكثر بغضاً، فهي تقع في جانب اللا جدوى، وهذا الكتاب ليس عن كيفية الكتابة، وهو ليس عن كتاباتها الخاصة، كما تقول، أو عن كتابة شخص بعينه، إنه عن الموقف الذي يجد الكاتب نفسه فيه، أو الموقف الذي تجد الكاتبة نفسها فيه.

تتساءل: ما الكتابة؟، هل هي نشاط إنساني أم إنها تكليف إلهي أم مهنة، أم عمل مضجر نؤديه من أجل المال؟، أو لعلها فن، ولماذا يشعر كثير من الناس بأنهم مجبرون على أدائها؟، وكيف تختلف الكتابة عن الرسم مثلاً أو التأليف الموسيقي أو الغناء والتمثيل؟ ما الذي نعنيه بالضبط عندما نصف شخصاً بأنه كاتب؟، هل الكاتب هو من يضع الشرائع للبشر ولا يعترف العالم بفضله، كما يعلن شيلي في فخر، أم إنه ذلك الشخص العصابي عديم الجدوى الذي يحبه كتاب سيرته المعاصرون؟.

تبحث أتوود عن دوافع الكتابة، وتضع قائمة من الإجابات منها أن نسجل العالم كما هو، أن نكتب الماضي قبل أن يذهب جميعه طي النسيان، أن ننقب عن الماضي لأنه قد غمره النسيان، أن أشبع رغبتي في الانتقام، لأنني أعلم أنه لابد أن أواصل الكتابة وإلا أموت، لأن الكتابة تعني المغامرة، وبالمغامرة وحدها نعرف أننا على قيد الحياة، كي نضفي النظام على الفوضى.

تقدم أتوود الكثير من الإجابات عن: لماذا أكتب؟ منها مثلاً: كي أدافع عن الروح الإنسانية، كي أكسب نقوداً أشتري بها أحذية لأولادي، كي ألقن الأوغاد درساً، لأن الإبداع شيء إنساني، لأنني أكره العمل في وظيفة، كي أفعل شيئاً جديداً، كي أجعل نفسي أكثر جذباً للآخرين، كي أصنع اسماً بعد الموت، كي أتغلب على انقباض نفسي وحزنها، كي أدافع عن الأقليات، كي أسجل العصر الذي أعيشه، كي أشهد على الأحداث المرعبة التي عشت بعدها.

تخلص أتوود من هذا كله إلى أنه لا طائل من وراء البحث عن دوافع للكتابة، وترى أنها فشلت في موضوع الدوافع، لكنها انتهجت مقاربة أخرى فبدلاً من أن تسأل كتاباً آخرين: لماذا يمارسون الكتابة؟ سألتهم كيف يشعرون بها؟، سألت روائيين عن شعورهم عند الدخول في رواية، لم يرغب أي منهم في معرفة ما تعنيه بكلمة «الدخول» فقال أحدهم إنها مثل السير في متاهة، من دون معرفة أي نوع من الوحوش قد يقبع في الداخل، وقالت أخرى إنها تجعلها تشعر وكأنها في كهف، فهي ترى ضوء النهار من الكوة، لكن هي نفسها في الظلام، وقال آخر إنها تجعله يشعر، وكأنه تحت الماء في بحيرة، وقالت أخرى إنها تشعر وكأنها في حجرة دامسة الظلام، تتلمس طريقها وعليها أن تعيد ترتيب الأثاث، وعندما ينتظم كل شيء يضيء النور.


يشترك كثير مما جاء في وصف عملية الكتابة بأنها عملية لا تخلو من العقبات، فقد يعجز المرء عن رؤية الطريق أمامه لكن ينتابه شعور بأن أمامه طريقاً، وأن التقدم إلى الأمام يسفر عن حالات الرؤية، من المرجح– كما تقول أتوود – أن الكتابة تتعلق بالظلام، وبالرغبة في الدخول فيه، أو الاضطرار إلى ذلك، وإضاءته إذا حالفنا الحظ، ثم إعادة تسليط الضوء على كل شيء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"