عادي

التغيّر المناخي والأنهار الجليدية

21:28 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

«سويس إنفو»

من المحتمل جداً أن تختفي الأنهار الجليدية الكائنة في جبال الألب بحلول نهاية القرن الحالي. وسوف لن يقتصر الشعور بالعواقب على جبال سويسرا فحسب، ولكن في جميع أنحاء أوروبا.

والأنهار الجليدية بصدد الذوبان، لكن هذا ليس بالأمر الجديد، فمنذ عام 1850، انخفض حجم الأنهار الجليدية في جبال الألب بنحو 60 %. أما الأمر المثير للدهشة في المقابل، فهو السرعة التي يتقلص بها عمالقة جبال الألب. وفي صيف عام 2019 شديد الحرارة مثلاً، فُقد 800 مليون طن من الثلوج والجليد، ما يوازي مكعباً من الجليد يبلغ طول ضلعه كيلومتراً واحداً تقريباً. وفي عام 2021، وعلى الرغم من تساقط الثلوج بكثافة في الشتاء والصيف البارد نسبياً، فقدت الأنهار الجليدية السويسرية 1% من حجمها. وعلى الرغم من أن هذا هو أقل انخفاض يُسجّل منذ عام 2013، إلا أنه لا يوجد أيّ احتمال لحدوث تباطؤ في وتيرة الانحلال، وفقاً للأكاديمية السويسرية للعلوم الطبيعية.

ومنذ عصر ما قبل الصناعة، ارتفعت درجة الحرارة في سويسرا بنحو درجتين مئويتين، أي ضعف المتوسط العالمي. وإذا ما سارت الأمور على هذه الوتيرة، فإن نصف الأنهار الجليدية في جبال الألب البالغ عددها 1500 نهر، بما في ذلك نهر أليتش الجليدي المهيب، وهو أحد مواقع التراث العالمية حسب تصنيف «اليونيسكو»، سوف يختفي خلال الثلاثين عاماً المقبلة. وإذا لم يتم القيام بأي شيء للتقليل من انبعاثات غازات الدفيئة، فإن جميع الأنهار الجليدية في سويسرا وأوروبا ستواجه خطر الذوبان بالكامل تقريباً بحلول نهاية القرن الحالي.

وفي سويسرا، يتمثل أحدها في تزايد مخاطر حدوث كوارث طبيعية، مثل الفيضانات وتدفقات الحطام والانهيارات الأرضية. إذ يُخشى من أن تبدأ البحيرات التي ستتشكل داخل الأنهار الجليدية بالتدفق فجأة في اتجاه السهول والأودية، وتجرف في طريقها القرى والبنى التحتية. ومع استمرار ترقق الجليد والطبقة دائمة التجمّد، تصبح الجبال أقل رسوخاً واستقراراً. وبشكل منتظم، تنتشر في شتى أنحاء العالم صور توثق حصول انزلاقات صخرية على سفوح ومنحدرات جبال الألب.

وفي أوروبا، قد يتسم الوضع بقدر أكبر من الإشكال، في مناطق تقع على بعد مئات الكيلومترات من جبال الألب السويسرية، ذلك أنه نتيجة لانخفاض حجم الموارد المائية الناجمة عن ذوبان الثلوج والأنهار الجليدية، فإن تدفق الأنهار الأوروبية الكبرى، مثل الرّون والرّاين والدّانوب وبُو، قد ينخفض بشكل كبير في فصل الصيف. وسيؤدي هذا إلى انخفاض في مستويات عدد من الأنهار والبحيرات،مما سيُضفي صعوبة أكبر على حركة الملاحة فيها وعلى نقل البضائع من سويسرا وإليها.

ومن أجل الحفاظ على تراث يحظى بأهمية وطنية وساهم في الترويج لسويسرا والتعريف بها في جميع أنحاء العالم، بدأ العلماء بخوض سباق ضد الساعة. ففي مورتراتش بكانتون جراوبوندن، تم إطلاق مشروع لحماية النهر الجليدي بواسطة الثلوج الصناعية، وهو نظام قد يتسنّى استخدامه أيضاً في جبال الهيمالايا والأنديز، إذا ما كُتب له النجاح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"