التفتيش غير المسبوق

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

تفتيشان جريا مؤخراً يجمع بينهما وصف أنهما «غيرمسبوقين»، لكنهما يتفاوتان من حيث الأهمية والآثار المترتبة على كل واحد منهما، فإذا كانت آثار التفتيش الأول تنحصر في إطار البلد الذي جرى فيه، فإن التفتيش الآخر يمكن أن تترتب عليه آثار تطال الوضع الدولي برمته.
المرجح أنكم خمنتم أن التفتيش الذي ستكون له آثار دولية، هو ذاك الذي جرى لمنزل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ولاية فلوريدا من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، بحثاً عن ملفات سرية يقال إن ترامب أخذها معه عند مغادرته البيت الأبيض، ولكن دعونا نبدأ بالتفتيش الآخر الذي جرى في بلد ثانٍ غير بعيد عن الولايات المتحدة الأمريكية، هو البيرو في أمريكا اللاتينية، وجرى في القصر الرئاسي، لا بحثاً عن وثائق سرية، وإنما عن امرأة مطلوبة للقانون، هي شقيقة زوجة الرئيس، بيدرو كاستيو، التي يشتبه في مشاركتها في شبكة فساد وغسل أموال.
لم تجد الشرطة المرأة المطلوبة في القصر ساعة التفتيش، الذي تمّ في كل الأحوال وأعلن عنه، بالتزامن مع تفتيشات في أماكن عدة من العاصمة ليما، تمخضت عن توقيف أشخاص، يشتبه في انتمائهم إلى شبكة الفساد نفسها، التي يعتقد أن شقيقة زوجة الرئيس متورطة فيها.
وصفت هذه العملية بغير المسبوقة في تاريخ البيرو، فهي المرة الأولى التي يدخل فيها القضاء مقر أعلى سلطة تنفيذية بحثاً عن شخص لم تحمه قرابته من رأس البلاد الذي تطاله هو الآخر شكوك في تورطه في قضايا فساد محتملة، ولم تحمه صفته كرئيس للبلاد من أن يكون موضعاً للتحقيق.
هذا التفتيش على أهميته لن يبلغ مبلغ أهمية التفتيش الذي طال مقر إقامة ترامب في فلوريدا، فهي المرة الأولى التي يتعرض فيها منزل رئيس أمريكي سابق للتفتيش من قبل هيئات إنفاذ القانون، ورغم أن البيت الأبيض نأى بنفسه عن الموضوع، قائلاً إن المسألة قضائية بحتة، إلا أن المراقبين يعزون الأمر إلى المكائد السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين، عشية الانتخابات النصفية الوشيكة، وبرغبة إصدار حكم يدين ترامب ليحول دونه ودون العودة ثانية إلى البيت الأبيض كما يطمح.
هناك من يرى أن إدانة ترامب، لو جرت، ستكون نذير إعصار سياسي قادم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"