عادي

خمسة قواعد لقراءة الفلسفة

20:13 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: الخليج

تمكن الفيلسوف البريطاني سيريل إدوين جود (12 أغسطس 1891 – 9 إبريل 1953) من تعميم الفلسفة، من خلال كتبه الكثيرة، حيث كان غزير الإنتاج، ومن خلال برنامج حواري شهير بعنوان «ثقة العقول» عن الحرب العالمية الثانية، أذيع على راديو شبكة بي بي سي وذلك في الأربعينيات من القرن العشرين، وكان أهم وأشهر المثقفين البريطانيين في عصره، وتعادل شهرته شهرة برتراند راسل وجورج برنارد شو.

في كتاب «فصول في الفلسفة ومذاهبها» ترجمة عطية محمود هنا، وماهر كامل، يشير جود إلى أن الفلسفة مادة في غاية الصعوبة، لدرجة أن معظم الكتب التي تبحث في الفلسفة عسيرة الفهم على الكثير من قارئيها، حتى الأذكياء منهم، ولعل بعض السبب في هذا، وليس كله، يرجع إلى صعوبة تتبع الميدان الذي تبحث فيه، وهو الكون.

انتهى جود إلى أن المادة التي تتناولها الفلسفة بالبحث هي بالضرورة غامضة، وهذا الغموض بدوره ما تعكسه الفلسفة أثناء تعبيرها عنه، لكن الأمر لا يقتصر على التعبير عن الغموض، بل يتعداه إلى غموض التعبير، وهذان أمران لا يجوز التسامح فيهما، فالغرض من الكلمة هو أن تعبر عن معنى، وعندما يستخدمها شخص قدير فإنها تحمل المعنى بسهولة ووضوح.

يقدم جود خريطة طريق لمن يريد «قراءة الفلسفة» وأول تحذير يقدمه هو أن يقرأ القراء للفلاسفة في كتاباتهم الأصلية بكثير من الحذر، وأن يحرصوا على ألا يقرأوا شيئاً إلا بعد أن يتوافر لهم قدر كاف من الشرح والإرشاد، وأول القواعد: ألا تحاول مطلقاً عند بداية القراءة أن تقرأ كتاباً بأكمله عن الفلسفة، بل عليك أن تتخير فصولاً معينة، يدور موضوعها حول أمور يبدو أن لها أهمية خاصة، وأن لها صلة بموضوعات سبق لك أن قرأت عنها شيئاً، وتود أن تتابع القراءة فيها.

يرى جود أن القاعدة الأولى هي الدقة في الاختيار، وحسن الاختيار يتطلب بحثاً مبدئياً لعناوين الفصول، مع استخدام الفهرست بشيء من الحكمة والذكاء، بحيث تكتشف الموضوعات التي تهمك، كما يتطلب قراءة المقدمة – سواء كانت مكتوبة بقلم الفيلسوف أو الكاتب الذي يقدمه بحيث إذا تهيأ لك أن تلم إلماماً سريعاً بالميدان الذي ستطرقه – يمكنك أن تتحسس طريقك بداخله، بشيء من السهولة.

يوضح جود أن هناك فقرات طويلة تبعث الملل أو معقدة مستغلقة الفهم، ومن الشائع أن تجد المؤلف يكرر ما يقول، وفي هذه الحالة يمكن للقارئ أن يمر بها دون احتفال، وعلى ذلك فالقاعدة الثانية هي القدرة على تخطي بعض الأجزاء بطريقة مبنية على الذكاء، وهناك قاعدة ثالثة وهي أن يحرص الدارس على ألا يستمر في القراءة إلا إذا كان يستوعب حقاً ما يقرأ.

هذا ينتقل بنا إلى القاعدة الرابعة وهي أنه لكي تتأكد من أنك قد استوعبت حقاً ما قرأت عليك أن تدون ملاحظات دقيقة، تكون في النهاية ملخصاً وافياً في إيجاز، بحيث إذا عن لك أن تنعش ذاكرتك في ما يختص بمعلومات سبق أن قرأتها في كتاب معين، أمكنك أن تستشير الملخص الذي كتبته، لا الأصل الذي قرأته.

قراءة الفلسفة كما يجب، عملية تقتضي فاعلية كبيرة، وتشترك فيها جميع قوى العقل، بعد أن تشحذ إلى الحد الأقصى، فهي تتطلب أولاً معرفة دقيقة لما يعنيه الكاتب بما يقول، كما تتطلب إيجاد العلاقة بين هذا الجزء وما سبقه من العرض، إلى جانب علاقته بالفكرة العامة وراء الموضوع.

هناك عملية عقلية يحتاج المرء فيها إلى أن يقرر بقدر ما يستطيع ما إذا كان ما يقرأه صحيحاً أم غير صحيح، وهو في هذا يحتاج إلى قدر ليس بالقليل من التركيز والاندماج، فيما يقرأ، وقليل من القراء من يستطيع أن يفعل هذا أكثر من فترة قصيرة، ومن هنا على المرء أن يضع قاعدة أخرى خامسة، وهي ألا يقرأ شيئاً في الفلسفة مدة تتجاوز نصف الساعة، ذلك لأنه في نهاية هذه الفترة من الزمن، لا بد أن يتضاءل التركيز، ويتشتت الانتباه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"