عادي

الادخار والاستثمار

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأً اكتسب طيباً، وأنفق قصداً، وقدم فضلاً ليوم فقره وحاجته». متفق عليه.

بهذا يقوم الادخار، وهو الاحتفاظ بجزء من الكسب لوقت الحاجة إليه في المستقبل، على ركنين أساسيين، الأول الكسب الطيب الحلال في ضوء قدرات الفرد وطاقاته. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً»، رواه مسلم، والثاني الاقتصاد والتدبير في النفقات.

ومع حثّ الإسلام على الادخار وفق الضوابط التي ذكرت فقد نبّه إلى ضرورة الوسطية والتوازن فقال تعالى:«ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً» الإسراء: 29. وقال عز وجل:«والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً» الفرقان: 67.

وإذا كان الإسلام شجع على الادخار وبين فضيلته؛ فقد حذَّر من البخل والاكتناز لما فيهما من تعطيل المال وحبسه، وعدم أداء حقوق الله في هذا المال، قال تعالى:«والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتُكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون» التوبة: 34-35.

من أجل ذلك شرع الإسلام الزكاة، وجعلها أحد أركانه، وفرض على كل مسلم الإنفاق على من يعول، ودعا المسلمين إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع من المال والثروة عن طريق استثماره وتنميته، ومن وسائل الاستثمار المتاحة أمام المسلم: الاستثمار الفردي في مشروعات تجارية أو صناعية، والاستثمار عن طريق المضاربة الإسلامية مع أطراف آخرين، والاستثمار عن طريق المشاركات الإسلامية والاستثمار التعاوني الإسلامي، شريطة أن يدور كل هذا في إطار الكسب والإنفاق الحلال.

وورد لفظ «التثمير» في عُرف الفقهاء عندما تحدثوا عن السفيه والرشيد فقالوا: الرشيد هو القادر على تثمير أمواله وإصلاحه، والسفيه هو غير ذلك، قال الإمام مالك: «الرشد: تثمير المال، وإصلاحه فقط»، وأرادوا بالتثمير ما نعني بالاستثمار اليوم.

وأما لفظ الاستثمار فلم يرد في كتب اللغة بمعناه الاقتصادي، ولذلك في معجم الوسيط: الاستثمار: استخدام الأموال في الإنتاج إما مباشرة بشراء الآلات، وإما بطريقة غير مباشرة كشراء الأسهم والسندات ثم وضع رمز (مج) الذي يدل على أن هذا المعنى هو من وضع مجمع اللغة.

ووضع الإسلام ضوابط للادخار لتحقيق مصلحة الفرد والمجتمع ومنها ألّا يؤدي إلى احتكار للسلعة، مما يغلّيها على الآخرين فيتضررون به وألا تكون السلعة من نوع يحتاج إليه الناس، فلا يجوز ادخارها في هذه الحال وألّا يؤدي إلى ضعف اليقين من رزق غد، فهذا يضر بعقيدة المسلم، وألا يؤدي الحرص على الادخار إلى البخل والشحّ على من تجب عليه نفقتهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"