عادي

الغضب الأعمى

23:55 مساء
قراءة 3 دقائق

كتب: أمير السني

في بداية الأسبوع يتوجه (و.ن) في وقت مبكر من الصباح برفقة زملائه إلى موقع العمل، فهو يعمل سائق عربة رافعة تحمل مواد البناء إلى الطوابق العليا، وهي مهمة شاقة تأخذ وقتاً طويلاً وفترات قليلة للراحة، ولكنه مضطر لذلك العمل حتى يستطيع إرسال الأموال لأسرته الصغيرة في بلاده، فلديه 4 أولاد وبنت، إضافة إلى والده الذي يسكن معهم، وهو كبير في العمر، وتتحمل زوجته رعايته بجانب الأولاد، وكل هذه الهموم تجعل (و.ن) يجتهد في عمله حتى يوفر لهم ما يسد احتياجاتهم.

وكان يمكن أن يحرص على زيادة دخله بالبحث عن وظيفة راتبها أعلى فهو خبرة في استخدام الرافعات والكثير من الشركات تبحث عن تلك الخبرة وتدفع رواتب مغريه، ولكنه فضل المكوث في الشركة التي ظل يعمل بها لأكثر من 10 سنوات، ويستفيد من اللعب بالقمار في كسب المزيد من النقود، وفي بعض الأحيان يخسر أمواله ولا يستطيع إرسال المبلغ المعتاد، ويضطر أن يكذب على زوجته بأن هنالك تأخيراً في الرواتب، فتضطر هي لتدبير أمورها بالمبلغ الزهيد الذي يأتي إليها.وفي أحد الأيام وعند العطلة الأسبوعية اجتمع (و.ن) داخل الغرفة التي يسكن فيها مع زملائه وحضر عمال من الغرف الأخرى ليشاركوا في لعب القمار، وأغلقوا الباب جيداً حتى لايشعر بهم المشرف على الشقة التي يسكن فيها جميع عمال الشركة، والبالغ عددهم 50 عاملاً، بوجودهم؛ حيث إن هنالك لوائح صارمة وضعتها الشركة، منها عدم الاجتماع لغير العاملين المتواجدين في الغرفة الواحدة، كما أن هنالك لوائح مشددة بمنع السلوكيات التي تخالف الآداب العامة وقوانين الدولة.

ولكنَّ (و.ن) وعدداً من زملائه يخالفون تلك اللوائح، ودخل في لعب القمار منافساً أحدهم، ولكنه خسر اللعبة، ودخل مرة ثانية في اللعبة وخسر للمرة الثانية، وكان ذلك في الأيام الأخيرة من الشهر وعليه أن يجمع أموالاً ويرسلها لزوجته التي أخبرته قبل أسبوع بأن والده ازداد مرضه واضطرت للذهاب به إلى المستشفى، وتحتاج إلى مبالغ مالية زيادة على المبلغ المعتاد لسداد تكلفة المستشفى والعلاج، ولكن الخسارة جعلت (و.ن) يزيد من شُـرب الخمر لكي ينسى الهزيمة.

ودخل للمرة الثالثة لعب القمار، ولكنه أيضاً خسر، وبدأ الإحباط يتسرب إليه، وأن باب الحظ أغلق أمامه، ولن يستطيع أن يجمع الأموال لكي يرسلها لأسرته، فطلب من زميله أن يعطيه مبلغاً مالياً سُلفة وسيعيدها له عندما يكسب، ودخل للمرة الرابعة ولكنه أيضاً خسر، ولعبت الخمر برأسه فافتعل مشكلة بينه وبين اللاعب الآخر واتهمه بأنه يقوم بالعبث في أوراق اللعبة، بما يخالف قواعدها ما أدى إلى خسارته، وأنكر اللاعب ذلك، ودخلا في عراك مع بعضهما وهما في حالة سكر، وحاول زملاؤهما تهدئة الوضع، إلا أن (و.ن) أخذ زجاجة خمر وضرب بها رأس زميله فانكسرت الزجاجة واخترقت فتافيت الزجاج المكسور إلى رأسه، ووصلت إلى الجمجمة، ما أدى إلى إنهاء حياة الرجل رغم محاولات إسعافه..

بالطبع تم إبلاغ الشرطة التي حضرت على الفور وألقت القبض على المتهم، وتم تحويله إلى النيابة، فقدمته إلى المحكمة التي أدانته بتهمة القتل العمد، وقضت بمعاقبته بالسجن المؤبد ودفع الدية لأولياء الدم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"