حيَّة تحت تبن

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يبلغ الكاتب البيروفي «ماريو فارغاس يوسا» الخامسة والثمانين من العمر، ويكتب كل يوم، يكتب حتى يوم الأحد كما يقول في حوار مع مجلة ألمانية أجرته معه صحفية تدعى «يودت ليرة» قبل نحو ثلاثة أعوام. يقول إن ساعات الصباح هي المفضلة بالنسبة له حين يبدأ القراءة والكتابة. يبدأ مبكراً عند الخامسة، وعند السادسة يمارس الرياضة البدنية مدة ساعة، ثم يستحم، ويتناول الإفطار، يقرأ الصحف ويباشر العمل. يظل يكتب حتى الثالثة بعد الظهر. يقول هناك كُتّاب الليل وكُتّاب النهار، وهو يقول إنه من كُتّاب النهار، وفي الحوار يقول: «إذا لم أكتب فسأطلق الرصاص على نفسي»، ولا أظنه يبالغ في هذا القول، فهذه هي طبيعة الروح البشرية عند شعوب الكاريبي. التطرّف في كل شيء. حب الحياة ومنها حب الكتابة ليس تطرفاً أو مبالغة إنه طبيعة بشرية.
في العام 2010 فاز ماريو فارغاس يوسا بجائزة نوبل للأدب. وبعد فوزه يقول في الحوار إن ملك إسبانيا منحه لقب «نبيل» أي إنه أصبح من طبقة النبلاء، ولكنه يقول إنه لا يستخدم هذا اللقب.
ماريو فارغاس يوسا كتب الأربعاء الماضي مقالة في جريدة الشرق الأوسط بعنوان «المجلات».. يتحدث فيها عن مجلّتين أدبيتين يحترمهما ويقرأهما بانتظام مجلة «آداب حرّة» و«ملحق التايمز الأدبي» إذا اعتبرناه في حدّ ذاته مجلة.
يشير فارغاس يوسا إلى القناعات الذاتية المستقلّة في سياسة تحرير المجلة الأدبية «آداب حرّة».. «تقبل كل النصوص التي تستوفي الحدّ الأدنى من المستوى الأدبي، وتدافع عن قناعاتها الذاتية».
غير أن فارغاس يوسا، حيّة تحت تبن في هذه المقالة التي تبدو قشرتها حول مجلة أدبية، لكن لبّتها شيء آخر مختلف. فقد مرّر صاحب «زمن البطل» و«المدينة والكلاب» موقفاً سياسياً، ولكنه موقف مغلّف بموضوع ثقافي، مثلما تعطي شخصاً ما مسدساً غلافه من الحرير وليس من الجلد.
أراد يوسا توجيه انتقاد سياسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يشنّ حرباً كما يقول الروائي البيروفي على «بلد شهيد»، وكان مدخله إلى هذا النقد السياسي أن كتب عن العدد الأخير من مجلة «آداب حرّة» الذي خصصته المجلة للأدب الأوكراني بغلاف كبير من أربعة ألوان: أبيض، أسود، أصفر، رمادي يحمل العنوان التالي: أوكرانيا الباسلة.. قرأتها بشغف كبير.
مقالة يوسا سياسية وليست ثقافية. مسدس من حرير وليس من الفولاذ. وهي شطارة الكاتب المحترف الذي يعرف كيف يكون حيّة تحت تبن، ويمرّر مواقفه الشخصية أو الفكرية وهو يبتسم، والآخر المعني بالموقف.. يضحك.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"