ردّ ولكن

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

الحياة عبارة عن ملتقى يجمع البشر ويقرب بينهم على اختلاف مشاربهم، وأعمارهم، ولغاتهم، من خلال العلاقات الإنسانية القائمة على التواصل والتعامل مع الآخر. ولعل من أهم الأمور في تعاملنا مع الآخرين هي ثقافة الاعتذار، الأمر الذي يدعوني إلى تسليط الضوء في مقالي هذا على العلاقة بين الجهات بشتى أنواعها وأفراد المجتمع بمختلف أطيافهم، وتوضيح كيف ينبغي على أي جهة معنية الاعتذار لأي فرد من أبناء المجتمع في حال عدم قبول طلبه.
في مناسبة سابقة، آلمني كثيراً منظر أحد الطلاب حين استقبل رسالة تشير إلى رفض قبوله في الجامعة، والتي كانت مكتوبة بأسلوب جاف لم تراعَ فيه مشاعر شاب طموح في مقتبل حياته؛ ما شكل صدمة كبيرة بالنسبة له انعكست آثارها المدمرة على وجهه بصورة واضحة!
لو افترضنا أن هذه الرسالة كتبت بطريقة لطيفة، وبأسلوب جميل ودود فيه نوع من الاعتذار الرقيق والتشجيع الإنساني المعنوي، لكان نفس الطالب المصدوم استقبلها بصدر رحب أو بأقل قدر ممكن من خيبة الأمل.
كانت تلك الواقعة مجرد مثال بسيط في منحى واحد من مناحي الحياة، فعلى السياق نفسه هناك عشرات الأشخاص ممن يتقدمون بطلباتهم إلى كثير من الجهات المعنية، يأتيهم رد صادم قاس غير لطيف البتة؛ هذا إن كان هناك رد من أساسه.
ولعلي أذكر هنا أنني في إحدى الإدارات التي كنت مسؤولاً عنها حيث تُستقبل الكثير من الطلبات، عمدت إلى تخصيص رد تلقائي على كل طلب، مفاده الآتي: «تم استلام طلبكم، وسيتم دراسته، ثم الرد عليكم خلال 14 يوماً. وإذا لم يصلكم رد فذلك بمثابة اعتذار». كنت أهدف من وراء تلك الرسالة إلى عدم ترك أي شخص معلقاً على أمل بلا نهاية، ما سيعطيه دافعاً لتقديم طلبه مرة ثانية، أو البحث عن جهات أخرى تلبي حاجته.
اليوم على كل مسؤول، خصوصاً من يتعامل مع الجمهور أن يكون لديه ثقافة الرد والاعتذار بطريقة لائقة ومقبولة، تنطوي على اللطف في التعبير، وأن يضع نفسه مكان مقدم الطلب وكيف سيكون وقع الرد عليه إن كان بالطرق التقليدية المباشرة في الرفض، لذلك نتمنى استخدام المفردات اللطيفة كالذي يربت على كتف أخيه، ولغتنا العربية العريقة بحمد الله تزخر بمفردات عذبة لا نهائية نستطيع استخدامها بطريقة إيجابية وسلسة للاعتذار الى أصحاب الطلبات التي لم تلقَ موافقة لأي سبب كان، وأن يكون هناك رد بكل الأحوال دون أن ندع أفراد مجتمعنا الحبيب في حيرة وترقب لا نهائيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"