التجارة والمساعدات وقت الأزمات

22:33 مساء
قراءة 3 دقائق

نجوزي أوكونجو إيويالا*

أدت الصدمات الرباعية التي شهدها العالم، من فيروس «كورونا»، والتغير المناخي، وتداعيات العملية العسكرية الروسية الأخيرة في أوكرانيا، مروراً بالتضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، إلى شطب سنوات من مكاسب التنمية العالمية التي تحققت بشق الأنفس. ومع تشديد الأوضاع المالية الآن، باتت حتى البلدان التي كانت تبدو وكأنها على المسار الصحيح نحو الازدهار والاستقرار على شفا هاوية الديون والهشاشة وعدم اليقين بشأن المستقبل.

إن العمل المنسق والمتعدد الأطراف ضروري لمعالجة الأزمات التي نواجهها. وتلعب المعونة والتجارة أدواراً رئيسية في عكس آثار هذه الصدمة الرباعية، وإعادة العالم إلى المسار الصحيح؛ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تضع منظمة التجارة العالمية وترصد قواعد التجارة بين الدول، ويقوم مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» بإجراء البحوث، وبناء توافقات الآراء، لتوجيه الحكومات، ويساعد مركز التجارة الدولي، الشركات الصغيرة على الوصول إلى العالمية، وخاصة الشركات التي تكون بقيادة النساء ورجال الأعمال الشباب.

تتعاون هذه الكيانات الثلاثة معاً وتشترك في التزام عميق تجاه الازدهار الذي تقوده التجارة من أجل الوصول إلى التنمية المطلوبة، وتدرك كذلك أن العالم الذي يمر بأزمة يحتاج إلى جهود غير اعتيادية. وترغب المنظمات الثلاث بالمضي قُدماً لإيصال المعونة والتجارة للأناس المحتاجين.

ولتوجيه المعونة والتجارة نحو عالم أفضل، يحتاج صانعو السياسات إلى التمحور حول ثلاث طرق أساسية. أولاً، «جعل التجارة أكثر اخضراراً»؛ إذ يمكن أن تلعب التجارة العالمية دوراً مهماً في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون. وتشير الأبحاث الأولية في منظمة التجارة العالمية إلى أن إزالة التعريفات الجمركية والحواجز التجارية التنظيمية لمجموعة من السلع البيئية المتعلقة بالطاقة من شأنه أن يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بنسبة 0.6% في عام 2030 عبر تحسين كفاءة الطاقة فحسب، مع مكاسب محتملة إضافية من تداعيات هذا الابتكار، كما أن انخفاض الأسعار يسرّع التحول نحو الطاقة المتجددة والمنتجات الأقل كثافة للكربون.

الطريقة الثانية، «جعل التجارة أكثر شمولاً». إن تشجيع زيادة التعاملات التجارية من قبل الشركات الصغيرة، وزيادة مشاركة النساء والشباب يجعل الأعمال والبلدان أكثر قدرة على المنافسة، ويقود التحول الاقتصادي ويحدّ من الفقر. ومع ذلك، وجدت استبيانات الأعمال التي أجراها مركز التجارة الدولي أن شركة واحدة فقط من بين كل خمس شركات مُصدّرة تقودها نساء. في المقابل، تظهر بيانات منظمة التجارة العالمية أن الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم تمثل نحو 95% من جميع الشركات على مستوى العالم، إلا أنها تمثل ثلث إجمالي الصادرات فقط.

أما الطريقة الثالثة لتوجيه المعونة والتجارة نحو عالم أفضل فهي بجعل التجارة أكثر ارتباطاً. ففي عالمنا المتصّل بالشبكات، يتعزز مستقبل التجارة من خلال القنوات والمنصات الرقمية، وخاصة للشركات الصغيرة. وخلال الوباء، رأينا كيف تحولت ممارسة الأعمال التجارية عبر الإنترنت من كونها مفيدة إلى مهمة لتذليل العقبات التي كانت موجودة قبل عامين، ولا تزال. وتظهر بيانات «الأونكتاد» أن الخدمات المقدمة رقمياً وصلت إلى ما يقرب من ثلثي مستوى صادرات الخدمات العالمية.

تمت مناقشة هذه المواضيع في المراجعة العالمية المشتركة حول «المعونة من أجل التجارة»، والتي عُقدت مؤخراً في جنيف. وجاء هذا الحدث بعد شهر واحد من المؤتمر الوزاري الثاني عشر لمنظمة التجارة العالمية الناجح، والذي أعاد التعددية التجارية إلى مسارها الصحيح، وأبرم اتفاقاً تاريخياً بشأن دعم «مصايد الأسماك العالمية»، وقبل شهرين من اجتماع «كوب 27» في مصر والذي يمكن أن يحدد فرص العالم في المحافظة على هدف 1.5 درجة مئوية لإنقاذ الأرض من غضب المناخ وتغيراته. تُظهر البيانات علامات واعدة على أن مفهوم «المعونة مقابل التجارة» يميل نحو مزيد من الاستدامة والشمولية والارتباط.

* المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية.. وشاركها الكتابة ريبيكا جرينسبان الأمينة العامة للأونكتاد وباميلا كوك هاميلتون المديرة التنفيذية لمركز التجارة الدولي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"