عادي

الطاقة النووية والانبعاثات السامة

21:41 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

(دويتشه فيليه)

كثيراً ما يقول مؤيدو الطاقة النووية، أو الذرية، أمام منتقديهم أنّ من «يقف في وجه تطوير الطاقة الذرية، لا يريد الحفاظ على البيئة»، أو «لا يدعم المجهودات الجارية في سبيل التقليل من نسب الانبعاثات السامة». وجُمل كهذه، وغيرها يتم تداولها بكثرة في وسائل التواصل الاجتماعي.

وفيها يتم تقديم الطاقة الذرية كضامن لبيئة أفضل تحمي كوكب الأرض عبر كبح الانبعاثات السامة. يضاف إلى ذلك الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة الذي دفع البعض إلى تقديم الطاقة الذرية كبديل لا غنى عنه. وهذه العوامل وغيرها، قد تثني العديد من الحكومات عن التراجع عن توجهات للاستغناء عن هذا النوع من الطاقة.

فهل هذا صحيح؟ هل الطاقة الذرية طاقة «نظيفة» تساهم في كبح الانبعاثات؟ أم إنه رهان قد يُجهز على الوقت المتبقي والقصير لإنقاذ الأرض من مزيد من الاحتباس الحراري؟

لم ينجح الإنسان إلى غاية اليوم، في اكتشاف طاقة خالية من الانبعاثات، بما في ذلك الطاقة الذرية. وعند استخراج اليورانيوم وتحميله وتخصيبه تتكون انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. وكذلك الأمر عند عملية إنشاء المفاعلات النووية عالية التعقيد، بل وحتى عند إغلاق المفاعلات، تتكون كمية هائلة من الانبعاثات، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالتخلص من النفايات، وهي عملية تخضع لقوانين صارمة جدّاً، ومكلفة للغاية.

ورغم ذلك تدعي بعض الشركات أن الطاقة الذرية، أو النووية كما يطلق عليها البعض، هي «نظيفة» تماماً، كما يقول المكتب الاستشاري «اينكو» الذي أعدّ تقريراً لوزارة الاقتصاد الهولندية، متحدثاً عن «عوامل رئيسية تدفع لاختيار الطاقة النووية تكمن في الموثوقية في ضمان توفير الطاقة، وكلّ هذا من دون انبعاثات سامة».

غير أن الباحثين في مجموعة «سيانتيست فرو فيوتشر» توصلوا إلى خلاصة مختلفة تماماً، مفادها أنه و«بالنظر إلى منظومة الطاقة برمتها فإن الطاقة النووية ليست خالية من ثاني أوكسيد الكربون».

والباحث بين ويلر، الأستاذ المحاضر في جامعة برلين، كان من بين من أعدوا هذا التقرير، وانتقد بشدة مؤيدي الطاقة الذرية لكونهم «يتجاهلون زوايا عدة»، بدءاً من عملية بناء المفاعلات واستخدامها مروراً، بتخزين الطاقة وعملية نقل النفايات، وصولاً إلى عملية هدم المنشآت.

وقدم تقرير الهيئة الحكومية المعنية بتغيّر المناخ لعام 2014، قياساً تقريبياً من 37 إلى 110 غرامات من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في كل كيلوواط للساعة للكهرباء المستمد من الطاقة النووية.

ويعتقد الخبراء أن المعدل الحقيقي هو بحدود 66 غراماً، لكن الباحث ويلر يذهب في إلى أبعد منذ ذلك بكثير معللاً طرحه بأن الأجهزة والأنظمة الحديثة باتت أكثر تعقيداً وبالتالي تطرح نسبة انبعاثات أعلى.

والإشكالية تكمن في أن العديد من الدراسات لا تحتسب عملية الإنتاج من بدايتها، أي ابتداء من تصنيع اليورانيوم وتخصيبه إلى مرحلة إنتاج الكهرباء. وهناك دراسات تغفل ذلك عن قصد.

وإذا ما أردنا احتساب عملية الإنتاج كاملة، فإننا سنجد أن النسب المقدمة بالنسبة للطاقة النووية هي أفضل من الطاقة الأحفورية، ومع ذلك تبقى أعلى بكثير من الطاقة المتجددة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"