د. حسن مدن
تحضرنا أحداث الفيلم الذي ذاع صيته في السبعينات الماضية: «Dog Day Afternoon»، بعد قراءة ومشاهدة التقارير حول مواطن لبناني بلغ به الأمر الزبى، فحمل رشاشاً واقتحم مبنى بنك مطالباً بالحصول على وديعته فيه، التي تفوق قيمتها 200 ألف دولار، وليس هذا الفيلم هو الوحيد الذي كان موضوعه اقتحام مسلحين بنوكاً بغية الاستحواذ على ما فيها من ودائع مالية، فيمكن إيراد أسماء عشرة أو خمسة عشر فيلماً كان هذا موضوعها، لكن لا يبدو أن أياً من هذه الأفلام كان المقتحم، أو المقتحمون، للبنك فيه يطالبون باستعادة أموال تخصهم، وإنما الاستحواذ على أموال تخصّ مودعين آخرين.
فالفيلم الذي لعب فيه آل باتشينو دور البطولة، وفاز في العام 1975 بجائزة الأوسكار، وجائزتي بافتا، بالإضافة إلى سبعة ترشيحات للجولدن جلوب، وصنف دور آل باتشينو في الفيلم كرابع أفضل دور في تاريخ السينما، مُقتبس من قصة حقيقية مأخوذة عن مقال نُشر عام 1972 رُويت به أحداث تعرض بنك تشيس مانهاتن في بروكلين للسطو من قبل لص مصمم على سرقة ما يكفي من المال.
إن كان من وجه شبه بين قصة المواطن اللبناني الذي طالب باسترداد وديعته، وقصة الفيلم فلعله يكمن في أن الشابين اللذين اقتحما البنك، في الفيلم، اكتشفا أن البنك لا يحوي الكثير من النقود بسبب عملية الجرد الشهري؛ ما أصابهما بالتوتر والإحباط، وهو ما جرى مع المواطن اللبناني حيث عجز البنك عن إعادة كامل المبلغ الذي طلبه الرجل، الذي سلم نفسه لرجال الأمن الذين طوقوا البنك الواقع في منطقة الحمرا بالعاصمة بيروت، بعد تسوية قضت بتسليمه جزءاً من الوديعة، التي قال إنه في أمس الحاجة إليها لعلاج والده المريض.
لم يستنكر اللبنانيون تصرف الرجل، وإنما تعاطفوا معه، ما يحملنا على تذكّر الشعار الشهير: «يسقط حكم المصرف»، الذي رفعه المحتجون اللبنانيون عام 2019، في إشارة إلى تحكم المصرف المركزي في أموال البلد الغارق في فساد النخب الطائفية والسياسية، ولأن الحديث جرى عن احتجاز المواطن اللبناني المطالب بأمواله موظفين في البنك كرهائن، جاز لنا السؤال: أليست أموال المودعين، بمن فيهم هذا الرجل، هي الرهينة الحقيقية المحتجزة؟
[email protected]