عادي

سكان دمشق يسقطون في دوامة أسعار الوقود والغلاء الفاحش

18:16 مساء
قراءة دقيقتين
دمشق - رويترز
يتذكر خالد الحصي يوم كان يملأ خزان حافلته الصغيرة بوقود رخيص ويسير بركّابها عبر شوارع العاصمة السورية، قبل أن يعود لبيته بمبلغ يكفي لتلبية احتياجات الأسرة من طعام وشراب وسبل حياة كريمة.
أما الآن، فلا تترك له أسعار الوقود المتصاعدة والعملة المحلية المنهارة سوى النذر اليسير من المال في نهاية يوم عمل منهك، هذا إن كان لديه من الوقود ما يكفيه للعمل أصلاً.
قال وهو يسير بركاب حافلته الصغيرة في منطقة المزرعة بوسط دمشق: «نضطر أيام نشتغل بالمازوتات اللي عم يعطونا إياهن، ما بيكفونا لنص النهار لأن المازوت ما عم يكفي».
يتحصل الحصي من كل راكب على 200 ليرة (أي أقل من خمسة سنتات أمريكية) مقابل التوصيلة الواحدة، ويقول إن أرباحه لا تتخطى 30 في المئة فقط من هذه القيمة.
وأضاف: «يعني لو اشتغلت بالنهار 40 ألف، بيضل لي منهن 12 ألف ليرة سوري. شو بيعملوا هدول؟ ولا شي».
يقول إن الصعوبات التي يواجهها سائقو مركبات الأجرة تزداد عاماً بعد عام وسط صراع ممتد منذ أكثر من عقد، وازداد الطين بلّة بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا وارتفاع أسعار الوقود في أنحاء العالم.
وقبل أسبوعين، رفعت السلطات أسعار الوقود، مما زاد من كلفة البنزين المدعّم إلى 2500 ليرة للتر، أي بأكثر من الضعف. وهي تخصص لمركبات الأجرة من سيارات وحافلات صغيرة 30 لتراً من الوقود المدعم يومياً، وبات حصول حافلات السرفيس على وقود الديزل بالعاصمة مقصوراً على عطلات نهاية الأسبوع.
وبينما يكابد أصحاب هذه المركبات شظف العيش، يتناقص عدد الركاب القادرين مادياً على استخدام سيارات الأجرة.
تقول سدرة، وهي طالبة (ثانوي) عمرها (17 عاماً)، إنها تقطع الطريق لمدرستها سيراً، لأن كلفة استخدام سيارة أجرة، وهي 25 ألف ليرة، تساوي ضعف دخل والدتها اليومي، وما من وسيلة نقل أخرى.
ووسط هذا الإنهاك نتيجة قطع مسافات طويلة صباحاً ومساء، رسبت سدرة، وأرجعت والدتها أم محمد التي تتكسب عيشها من بيع فحم النرجيلة السبب الرئيسي في هذا، لتعذر استخدام وسائل النقل. والأم نفسها تجوب أنحاء المدينة ببضاعتها سيراً على الأقدام لتوفير المال.
كان رفع أسعار الوقود هو أحدث إجراء اتخذته السلطات التي أعادت هيكلة الدعم على الوقود والخبز وسلع أخرى، وخفضت في الوقت ذاته عدد المستفيدين منه، لتخفيف الضغط على إيرادات الدولة.
ومنذ اندلاع الصراع قبل 11 عاماً، انهارت العملة المحلية من 47 ليرة مقابل الدولار إلى ما يقرب من 4300 ليرة في السوق غير الرسمية، أي نحو واحد في المئة من قيمتها قبل الحرب.
وقال حايد حايد الزميل الاستشاري بمعهد تشاتام هاوس في لندن: «إنها أزمة حقيقية، والمشكلة أن هذه ليست النهاية.. كل شيء أصبح فاحش الغلو، والقدرة الشرائية تضاءلت بقوة».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"