ليس علماً ولا فناً

نسمع كثيراً عن الإيجابية، وهناك من يوجّه لنا نصائح بأن نكون إيجابيين، وأن نبتعد عن السلبية، ولكنهم قلة من يقدمون الإيجابية في نقاط أو في مجموعة من العلامات التي يمكن الاستدلال عليها، والعمل وفقها. وهذا الجانب مهم؛ لأن البعض يعتبر الإيجابية تستند على معارف وعلوم هو يفتقر لها، أو أن الإيجابية لها مهارات اجتماعية هو بعيد عنها، أو أن لها شروطاً ومواصفات لا تنطبق عليه، أو تتطلب استعدادات وخصالاً لا يملكها، وأن الإيجابيين نشأوا على هذا السلوك، لذا هم ناجحون، ويملكون مهارات من خلالها يتجاوزن العقبات والصعاب التي تعترضهم. 
الحقيقة أن الإيجابية بعيدة تماماً عن كل هذه الشروط والالتزامات والهالات، وأننا جميعاً يمكننا اتخاذ قرار مهم في مسيرتنا الحياتية، وهو أن نكون إيجابيين ثم نعمل وفقها. بطبيعة الحال، هذا يتطلب تغييراً في نظرتك للكثير من الجوانب الحياتية الاعتيادية التي كنت تنظر لها بطريقة سلبية أو محملة بالخوف والرهبة، أيضاً تتطلب أن تكون نظرتك محملة بالأمل والتفاؤل، وأيضاً بالمثابرة والعمل. في هذا السياق، أنبه إلى أن الإيجابية تتطلب أن تسعى بجد وحماس نحو كل ما يجلب لك السعادة، مثل ممارسة هواياتك، أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية أو الثقافية أو التطوعية ونحوها. وهذا السعي بحد ذاته يبعد عنك كثيراً من المشاعر السلبية، مثل الحزن والكآبة والهم والتوتر، وبالتالي تقترب من السعادة. أيضاً تحتاج إلى أن تكون نظرتك للحياة محملة بالنقاء، والتفاؤل، وبالتالي الابتعاد عن التشاؤم والخوف والتردد، وهذا يعني الاستعداد للصعاب والمشاكل والعقبات وتوقعها، فالنظرة الإيجابية تقوم على العمل، وتذليل العقبات وتحطيمها. وحتى تحقق هذه الغاية، فأنت تحتاج لمحور مهم من محاور الإيجابية، وهي الثقة.. الثقة بالنفس، وبقدراتك، ومواهبك، وعلمك، وعقلك، وتفكيرك.
عندما تؤمن بقدراتك، ستكون لديك القدرة التامة للتغلب على الصعوبات، وأية عقبات تواجهك، وهذا لا يعني عدم توقع الفشل أو الإخفاق، بل من شروط الإيجابية التقبل، وهو يعني أن تتقبل أي إخفاق، وأن تتعلم من الخطأ، وتعمل على تلافيه وتجنبه، ولن تستطيع اكتساب هذه المهارة إلا إن كنت تتقن فن تقبل الفشل. ثم ثقْ بأنك ستجد حلولاً لأية معضلات وعقبات، وهذه نقطة محورية نحو الإيجابية؛ لأن عليك المحاولة والتجريب بشكل دائم، وعدم الاستسلام. ولا تنسَ خلال مسيرتك نحو الإيجابية أن تقلل قدر المستطاع جلساتك مع من يبث السلبية، فالسلوك معدٍ، وينتقل دون أن تشعر.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com