عادي
الخليج تنفرد بنشر تقرير الحادث

عدم جودة حاويات المواد الخطرة سبب حريق باخرة جبل علي

00:33 صباحا
قراءة 7 دقائق
خلال التعامل مع الحريق "أرشيفية"
  • 24 مليون درهم خسائر تشمل أضراراً في رصيف الميناء

دبي: محمد ياسين

تسبب قبطان آسيوي، و4 آخرون يمتلكون باخرة وشركات شحن، في خطئهم، بحرق أشياء مملوكة للغير، وبلغت قيمة الخسائر نحو 24 مليون درهم، تمثلت في احتراق حاويات بداخلها مواد متنوعة، وتضرر جزء من رصيف ميناء جبل علي، فضلاً عن آلات شحن وتفريغ في الميناء، فقضت محكمة الجنح والمخالفات في دبي بحبس القبطان، و4 آخرين، شهراً واحداً مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة 3 سنوات.

ودانت المحكمة 4 شركات شحن، إحداها مالكة للباخرة، وقضت بتغريم كل منها 100 ألف درهم، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.

تعود تفاصيل الواقعة إلى يوليو/ تموز من العام الماضي، (2021)، في ميناء جبل علي، حين اندلع حريق في باخرة على أحد أرصفة جبل علي في دبي، وهرعت الأجهزة المختصة لإخماد الحريق، حيث تمكنت كوادر الدفاع المدني من السيطرة على الحريق خلال 40 دقيقة، ولم تسجل وفيات، وانحسرت الخسائر في إصابات بسيطة لعدد من البحارة الآسيويين. وأعلن المكتب الإعلامي لحكومة دبي في حينه، أن حريقاً اندلع في إحدى البواخر الراسية في ميناء جبل علي، وأن كوادر الدفاع المدني تمكنت من إخماده خلال 40 دقيقة من دون وفيات، وانحسرت الخسائر في احتراق جزء من السفينة وأضرار مادية برصيف الميناء وتمت إحالة الحادث للجهات المختصة لمباشرة التحقيقات.

إهمال وعدم الاحتياط

وحسب ملف القضية وتقرير المختبر الجنائي في شرطة دبي، فإن الحريق نتج عن إهمال، وعدم مراعاة إجراءات السلامة طبقاً لقانون إدارة البيئة والصحة والسلامة، بحيث لم يتأكد شاحن البضاعة من جودة وصلاحية ونوعية العبوات المستخدمة والملائمة للحاوية لنقل المواد الخطرة، فضلاً عن بقاء الحاويات التي تحتوي على مواد خطرة تحت أشعة الشمس في ميناء جبل علي لمدة 21 يوماً في درجة حرارة وصلت إلى 44 درجة مئوية.

640 برميلاً

وبيَّن التقرير أنه كان داخل عدد من الحاويات 640 برميلاً تحتوي على مواد خطرة وجب الحفاظ عليها في حالة محكمة وسليمة طوال فترة الشحن، وأظهر التقرير إخفاق شاحن البضاعة والناقل البحري (بمن فيه أصحاب الباخرة) في التنسيق مع بعضهم بعضاً في تسليم حاويات البضائع الخطرة في الوقت المناسب لوصول السفينة للميناء، وكذلك إخفاقهم في التنسيق بخصوص طبيعة الحاوية اللازمة لحفظ البضاعة الخطرة بدرجات حرارة مناسبة، والتأكد من صلاحية العبوات وطريقة ترتيب البضاعة الخطرة في الحاويات بشكل مناسب.

القبطان وأصحاب الباخرة

كما أظهر التقرير إخفاق قبطان الباخرة، وأصحابها، والقائمين على إدارتها وتشغيلها، ووقوعهم في خطأ وإهمال جسيم نتيجة لتخلفهم عن الالتزام بمدونة البضائع الخطرة، وما جرى عليه العرف البحري الذي يتضمن ضرورة الفصل بين حاويات البضائع الخطرة، وعدم وضعها في موضع متلاصق، متجاهلين بذلك سهولة انتشار الحريق، وحدوث الانفجارات، وصعوبة منع تفاقم النتائج في حال ترتيب الحاويات الخطرة بشكل متلاصق، ووقوع أي حريق في إحدى الحاويات الخطرة. حيث تم وضع الحاويات بشكل متلاصق الأمر الذي أدى إلى انفجار الحاوية الأولى.

أشعة الشمس

وأوضح التقرير المرفق بملف القضية أن الحاوية التي تحتوي على مواد خطرة بقيت تحت أشعة الشمس في ميناء جبل علي 21 يوماً، حيث تعرضت الحاوية لأشعة الشمس المباشرة في أوقات النهار ودرجات حرارة الجو خلال تلك الفترة التي وصلت فيها درجة الحرارة إلى 44 درجة، كما أن وجود باب الحاوية في وضع إحكام غلق يزيد من ارتفاع درجة حرارة محتويات الحاوية، ويزيد من حيزها الداخلي، وبالتالي فإن درجة الحرارة الموجودة في الحيز تكون مرتفعة أكثر من الخارج، ويخالف ذلك تعليمات السلامة الواردة، وأن درجة الحرارة زادت من 10 إلى 20 درجة عن المعدل المفترض أن تكون عليه الحاوية المحملة بالمواد الخطرة.

اهتزاز المواد الخطرة

وبين تقرير المختبر الجنائي بعد تفريغ كاميرات المراقبة في موقع الحادث، أن مشغل الرافعة وبعد أن قام برص الحاويات التي تحتوي على مواد خطرة، وضع حاوية أخرى على طرف المسطح، وأدى ذلك إلى تأرجح الباخرة وميلانها واعتدالها بعد ذلك، وهذا الأمر عادي وطبيعي، ولكن كما ذكر في تقرير فإن الاهتزاز ساعد في اندفاع المواد من العبوات الأمر الذي أدى إلى حدوث ضغط في تلك البراميل البلاستيكية والاشتعال اللحظي والانفجار.

وأفاد شاهد من مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في تحقيقات النيابة العامة، بأنه طبقاً لقانون إدارة البيئة والصحة والسلامة والمدونة الدولية البحرية للبضائع الخطرة، يجب على شاحن البضاعة الخطرة التأكد من جودة وصلاحية ونوعية العبوات المستخدمة وملاءمة الحاوية للحفاظ على البضاعة الخطرة في حالة محكمة وسليمة طوال فترة الشحن.

عدم تنسيق

وأضاف أن الجهة التي قامت بنقل حاوية المواد الخطرة التي كانت نقطة بداية الحريق والانفجار هي مالكو الباخرة، وأن كل من شاحن البضاعة والناقل البحري وقعا في إخفاقات ساهمت في وقوع الحادث، حيث أخفقا (وكذلك أصحاب السفينة) في التنسيق مع بعضهما بعضاً في ما يتعلق بالوقت المناسب لتسليم حاويات البضائع الخطرة بما يتناسب مع وقت وصول الباخرة للميناء. وتابع: كا إخفاقهم أيضاً في التنسيق بخصوص طبيعة الحاوية اللازمة لحفظ البضاعة الخطرة بدرجات حرارة مناسبة، والتأكد من صلاحية العبوات وطريقة ترتيب البضاعة الخطرة في الحاويات بشكل مناسب، ويقصد من ذلك أن يتم التنسيق بين شاحن البضاعة والناقل البحري في سرعة نقل الحاوية من دون تخزينها لفترة زمنية طويلة تحت أشعة الشمس، أو في ظروف غير ملائمة.

ظروف غير ملائمة

وأفاد شرطي في التحقيقات بأن مسؤولية رص الحاويات، ومنها الحاويات الخطرة، على متن الباخرة تقع، على عاتق الربان ومُلاك الباخرة، حسب ما ورد في تقرير خبير الحرائق وتقرير الأمن والسلامة، كما أنه وبشأن التأكد من سلامة الحاويات الخطرة والمواد بداخلها وعدم تعرضها لظروف حرارية غير ملائمة قبل تحميلها على متن الباخرة، فإن تقرير الأمن والسلامة ذكر أنه يجب أن يكون هناك تنسيق بين جميع الأطراف في استلام الحاوية بشكل مباشر ودون تعرضها لظروف جوية غير ملائمة.

وأضاف: لم تكن هناك استعدادات لعمليات الإطفاء لحوادث قد تقع أثناء عملية التحميل، من قبل قبطان الباخرة حيث كان من المفترض عند وجود مواد خطرة في الحاويات أن يكون مستعداً للإطفاء من خلال الخراطيم والإجراءات الخاصة بذلك، وأن الحاوية المحملة بمواد خطرة تعرضت للحرارة طوال رحلتها من الصين إلى دبي وبقيت على الرصيف تحت أشعة الشمس المباشرة في الصيف 21 يوماً.

مخلفات متناثرة

وتابع أن التحقيقات بيّنت حجم التأثيرات التدميرية والحريق في الباخرة تمثل في تعرض الباخرة لأضرار تركزت في النصف الأمامي، بينما تبين سلامة المحركات وبرج الباخرة، وتمزق للحاويات المستقرة في الأمام، وتناثر أجزاء من الحاويات وسقوط حاويات في البحر، كما أن هناك حاويات تعرضت للضرر، وكانت هناك مخلفات متناثرة محترقة على الرصيف.

أبلغ برج المراقبة

وأنكر المشتبه فيه الأول (قبطان الباخرة) في تحقيقات النيابة العامة، التهمة، وقرر أنه كان على علم بوجود عدد 3 حاويات تحمل مواد خطرة، وأنه أبلغ برج المراقبة عندما اكتشف انبعاث الدخان من الحاوية، وقد كان على استعداد لإطفاء الحاوية، إلا أنه نظراً لقوة الدخان وتزايده فقد أمر الطاقم بإخلاء الباخرة فوراً.

وتابع: أنه وضع الحاويات الخطرة بجانب بعضها بعضاً في مقدمة السفينة، وأضاف أنه لم يكن يعلم أن الحاوية التي انفجرت تعرضت لأشعة الشمس والحرارة المرتفعة، وإلا ما كان وافق على نقلها، وأضاف أن مدير وشريك في الشركة المالكة للباخرة استلم أوراق ومستندات كل الحاويات، لا سيما الحاويات الخطرة، وأضاف أنه لم تحدث أية حوادث أثناء نقل الحاويات من رصيف الميناء إلى الباخرة عن طريق الرافعات البرجية.

وأضاف أن خطة صف الحاويات على متن الباخرة يتم اعتمادها من قبل موانئ دبي العالمية.

وأفاد المشتبه فيه الثاني (شريك لدى شركة شحن) بأن شركته قامت بنقل محتويات حاوية مستوردة من دولة آسيوية إلى دبي بناء على طلب شركة أخرى للشحن، مؤكداً عدم وجود أية أضرار أثناء نقل تلك المواد الخطرة.

ناقل للبضاعة

وأفاد المشتبه فيه الثالث (مالك السفينة) بأنه مجرد ناقل للبضاعة، وأنه من استلم مستندات وأوراق الحاويات من خلال شركة أخرى للشحن، وقام بإرسالها إلى قبطان الباخرة مع كشف بيانات سلامة المواد للحاويات الخطرة، ويعتقد أن القبطان أخطأ في وضع الحاويات الخطرة بجانب بعضها بعضاً.

انبعاث دخان

أفاد مشرف على سائقي الرافعات لدى موانئ دبي العالمية بتحقيقات النيابة العامة بأنه استلم أثناء مناوبة النهار 63 حاوية، تم نقلها من الرصيف إلى متن الباخرة بواسطة رافعة برجية، واستمر النقل نحو 4 ساعات من خلال سائقين اثنين، وبعد الانتهاء من حمل آخر حاوية تواصل معه سائق الرافعة وأخبره أنه شاهد انبعاث دخان من الحاوية وسمع صوتاً يخرج منها من شدة الضغط، فطلب من سائق الرافعة أن يبتعد عن المكان للحفاظ على حياته وعلى الرافعة وبعدها حصل الانفجار، حيث شاهد الحاويات تطير في الجو وتسقط في البحر والرصيف حتى إن إحدى الحاويات سقطت بجانبه.

استيراد مواد

أكد المشتبه فيه الرابع بأن دوره هو استيراد تلك المواد وإعادة تصديرها، وتم تسليمها للشاحن الذي قام بالتنسيق مع شركة للدعم اللوجستي لتقوم بتحويل البضاعة من الحاوية المستوردة، وأن شركة الشحن جانَبها الصواب حين قامت بوضع الحاوية التي تحتوي على مواد خطرة لأكثر من أسبوع في ظروف جوية لا تلائم نوعية البضاعة.

وحسب إفادة المشتبه فيه الخامس، مالك شركة للشحن، فإن مالك المواد الموجودة في الحاوية طلب منه تحويل محتويات الحاوية المستوردة إلى حاوية أخرى، وأنه قام بعملية نقل البراميل من حاوية إلى أخرى ولم تكن هناك أية حوادث أثناء النقل، وأن سبب الحادث هو سوء تخزين المواد لفترة طويلة على رصيف الميناء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"