«تيكاد».. بوابة تونس نحو اليابان

00:49 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. كمال بالهادي

تحتضن تونس يومي 27و 28 أغسطس الجاري دورة جديدة لقمّة «تيكاد» التي تجمع اليابان مع أكثر من خمسين دولة إفريقية. وتعتبر هذه القمّة فرصة كبيرة لتونس لفتح أبواب الاستثمار وجذب الشركاء اليابانيين، خاصة أن اليابان من أكثر الدول التي لديها مدخرات مالية هائلة.

في إحدى القمم السابقة التي احتضنتها العاصمة الكينية نيروبي منذ سنوات، تعهد رئيس الوزراء الياباني السابق( الذي وقع اغتياله منذ أسابيع) شينزو آبي باستثمار ثلاثين مليار دولار أمريكي في إفريقيا حتى عام 2018، منها عشرة مليارات دولار في تطوير البنية التحتية. وقال آبي حينها إن اليابان ستخصص ضمن هذا المبلغ عشرة مليارات دولار لتطوير البنية التحتية في دول القارة الإفريقية، مشيراً إلى أن هذا الاستثمار «يعبر عن الإيمان بمستقبل إفريقيا». وأضاف في كلمة له أمام «مؤتمر طوكيو الدولي السادس للتنمية في إفريقيا» المعروف اختصاراً ب «تيكاد» (TICAD) والذي انعقد في العاصمة الكينية نيروبي: «أتوقع أن يرتفع المبلغ إلى ثلاثين مليار دولار»، موضحاً أن الأمر يتعلق باستثمارات عامة وخاصة. وتهدف هذه المؤتمرات إلى توثيق العلاقات الاقتصادية بين اليابان وإفريقيا، بينما تسعى الأولى لتوظيفه في سباقها مع الصين في الاستحواذ على الأسواق الناشئة، والحصول على امتيازات استغلال الموارد الطبيعية التي يفتقر لها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

تأسست «تيكاد» عام 1993 في اليابان، في إطار الشراكة الإفريقية اليابانية، وتعد أول شراكة مع الاتحاد الإفريقي، واستضافت العاصمة اليابانية طوكيو المؤتمر أعوام 1993 و1998، و2003 و2008، و2013. وستكون تونس على موعد نهاية الشهر الحالي لاستضافة دورة جديدة تعول عليها تونس كثيراً لخرق «الحصار» الاقتصادي والاستثماري المفروض عليها من الغرب منذ سنوات، خاصة منذ 2019، حيث تم إغلاق أبواب الاقتراض الخارجي، وأوصدت أبواب صندوق النقد الدولي، في حين أن لتونس شراكات أخرى وعلاقات يمكن دعمها لكسر هذا الحصار. وليس خفياً أن إفريقيا باتت موضع تنافس دولي شديد بين القوى العظمى. وهنا تأتي اليابان ضمن هذا السياق التنافسي. فقد أكد وزير الخارجية الياباني السابق توشيميتسو موتيغي، اهتمام بلاده بالاستثمار في اقتصادات الدول الإفريقية، مشيراً إلى أن القارة السمراء لديها إمكانيات نمو كبيرة. وقال: «ستواصل اليابان تقديم الدعم للتنمية الإفريقية وتحفيز الاستثمار الخاص. وفي اجتماع مجموعة العشرين شاركنا الرأي القائل إن تشجيع استثمارات القطاع الخاص أمر ضروري لتحقيق نمو اقتصادي مستدام في إفريقيا بأكملها». من ناحية ثانية، اعتبر أن الاستثمارات في إفريقيا ستعود بالنفع على بلاده، قائلاً إن «إمكانيات النمو الكبيرة التي تتمتع بها إفريقيا تتيح فرصاً ليس للتنمية الإفريقية فحسب بل أيضاً للاقتصاد الياباني وقطاع الأعمال الياباني». 

وأشار الوزير الياباني إلى أن القارة الإفريقية تضم 54 دولة تحتل 22 في المئة من مساحة الأراضي في العالم يبلغ عدد سكانها ملياراً وثلاثمئة مليون نسمة. ويعتقد خبراء يابانيون أنّ الفائض في ميزان الحساب الجاري في البلاد يرجع إلى الاستثمار في الخارج، وليس إلى حركة البضائع، وهذا ما يفتح شراهة اليابان إلى مزيد من الاستثمارات الخارجية.

 وتسعى القمة (تيكاد)، التي تعقد كل ثلاث سنوات، إلى عرض موارد إفريقيا الوفيرة على نحو أفضل للمستثمرين العالميين، وتوفير التسهيلات المالية ومساعدة القارة على إيجاد حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية.

 وأظهرت دراسة أعدتها غرفة التجارة التونسية اليابانية، أنّ تونس تحتل مراتب متأخرة جداً في خارطة الاستثمارات اليابانية، وذلك بالرغم من موقع تونس الجغرافي الذي يؤهلها لتكون قطباً استثمارياً ضخماً. فهناك تقريباً 20 مؤسسة يابانية تستثمر في تونس أهمها في قطاع مكونات السيارات. و إذا ما أرادت تونس أن تجذب فعلياً اليابانيين بطريقة كبرى، فعليها أن تعيد النظر في قوانينها الاستثمارية، وأن تقدم المزيد من الحوافز، لتصبح قطباً منافساً وجدّياً. وهذه الفرصة «قمة تيكاد» التي ستعقد نهاية الشهر الجاري، تعتبر الفرصة التي لا بديل عنها لإقناع اليابانيين بأن تونس تغيرت وأنها باتت قطباً استثمارياً ضخماً. وعليه فإن تونس لها قائمة من المشاريع الكبرى التي سبق أن قدمتها في مؤتمر 2020 الاقتصادي، وفضلاً عن وجود مشاريع أخرى كبرى في كل القطاعات التي يمكن أن تكون جاذبة للاستثمارات اليابانية والإفريقية أيضا، وجب أن تحسن تونس عرضها وإقناع المستثمرين بها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p979hvw

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"