عادي

«الإفتاء المصرية»: الإسلام لا يعرف التشاؤم من الأرقام أو الأيام

17:03 مساء
قراءة 4 دقائق
شوقي علام مفتي مصر
شوقي علام مفتي مصر
القاهرة - الخليج
أكدت دار الإفتاء المصرية، في رد لها على سؤال حول حكم التشاؤم من بعض الأرقام أو الأيام، التي يتوقع معها الشخص حصول شيء له فيها من خير أو شر، بأن الإسلام قد نهى عن ذلك.
وأكد د.شوقي علام، مفتي مصر، أن الأمور تجري بقدرة الله، تعالى، ولا ارتباط لهذه الأشياء بخير يناله الإنسان أو شر يصيبه، «أما التفاؤل ببعض الأرقام أو الأيام، فمن الأمور الحسنة، التي لا مانع منها شرعاً، فهي من الفأل المندوب إليه، والذي يبعث في النفس الرجاء في عطاء الله، عز وجلَّ، وحسن الظن به وتيسيره، فيتجدد به أمل الشخص في نجاح مقصوده، ويقوي عزمه، ويحمله تفاؤله على صدق الاستعانة بالله، والتوكل عليه».
وعرَّف المفتي التشاؤم بأنه «حالة نفسيَّة تقوم على اليأس والنظر إلى الأمور من الوجهة السيئة، والاعتقاد أن كل شيء يسير على غير ما يرام، وهو عكس اليمن أو التفاؤل»؛ وذلك وفق ما جاء في «الصحاح» للجوهري، و«لسان العرب» لابن منظور.
وأوضح أن «التشاؤم من عادات العرب قديماً؛ حيث عرف عندهم بـ«التطير». كما جاء في «النهاية» لابن الأثير.
وأشار إلى أن الإمام النووي يقول في شرح صحيح مسلم: «والتطير: التشاؤم، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي، وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح فينفرون الظباء والطيور، فإن أخذت ذات اليمين تبركوا بها، ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم».
وقد جاء الإسلام بهدم هذه العادة الجاهلية، والتحذير منها، فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا عدوى، ولا طيرة ويعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: «كلمة طيبة».
وروى أبو داود بسنده من حديث عروة بن عامر، رضي الله عنه، قال: «ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أحسنها الفأل ولا ترد مسلماً، فإِذا رأَى أَحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأْتي بِالحسنات إِلّا أنت، ولا يدفع السيئات إِلا أنت، ولا حول ولا قوة إِلا بِك».
وأضاف مفتي مصر أن مما يدخل في التطير المنهي عنه شرعاً: التشاؤم من بعض الأرقام أو الأيام أو الشهور، كأن يعتقد المرء بأن رقماً ما أو يوماً معيناً يوصف بحصول التعب والضغط والصعوبات معه أو أن التوفيق فيه يكون منعدماً، ونحو ذلك من خرافات لا أساس لها من الصحة، فيحجم عن قضاء حوائجه أو أي مناسبة في هذا اليوم أو مع حصول هذا الرقم.
ومع ورود النهي الشرعي عن التشاؤم والتطير عموماً باعتباره عادة جاهلية؛ فقد ورد النهي النبوي عن التشاؤم من بعض الأزمنة والشهور خاصة؛ وذلك كما في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا عدوى ولا صفر ولا هامة». وفي رواية أخرى للبخاري: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر».
وقال أبو داود: قال مالك: كان أهل الجاهلية يحلون صفراً عاماً ويحرمونه عاماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا صفر».
وجاء في شرح سنن ابن ماجه للسيوطي: قوله: «ولا صفر» بفتحتين كانت العرب تزعم أنه حية في البطن واللدغ الذي يجده الإنسان عند الجوع من عضه. وقيل: هو الشهر المعروف كانوا يتشاءمون بدخوله ويزعمون أن فيه تكثر الدواهي والفتن. وقيل: أراد به النسيء فإن أهل الجاهلية يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ويجعلون المحرم صفراً ويجعلون صفراً من أشهر الحرم. وقال جل ذكره: ﴿إِنما النسيء زيادة في الكفر﴾ الآية 37 من سورة التوبة، فأبطل كل هذه المزعومات ونفاها الشارع.
فالتشاؤم بشهر صفر الذي هو أحد أشهر السنة الهجرية لزعم أنه شهر تكثر فيه الدواهي والفتن، وهو من الأمور التي نهى عنها النص النبوي الشريف.
وأكد مفتي مصر أن الحكمة مِن منع التشاؤم والتطير عموماً أو بالأزمنة خصوصاً، هو أن في هذا التشاؤم سوء ظن بالله، سبحانه وتعالى، وإبطاء الهمم عن العمل، وتشتت القلب بالقلق والأوهام، فيميت في المرء روح الأمل والعمل، ويدب فيه اليأس، وتضعف الإرادة والعزيمة لديه، وربما نزل بالشخص بسبب هذا التشاؤم المكروه، الذي اعتقده بعينه على سبيل العقوبة له على اعتقاده الفاسد.
أما عن التفاؤل ببعض الأرقام أو الأيام: فهو من الأمور الحسنة التي لا مانع منها شرعاً، فهي من الفأل المندوب إليه والذي يبعث في النفس الرجاء في عطاء الله، عز وجل، وحسن الظن به وتيسيره، فيتجدد به أمل الشخص في نجاح مقصوده، ويقوي عزمه، ويحمله تفاؤله على صدق الاستعانة بالله والتوكل عليه، وهو القائل في الحديث القدسي «أَنا عند ظن عبدي بِي».
وعند البيهقي من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما: «من عرض له من هذه الطيرة شيء، فليقل: اللهم لا طير إِلا طيرك، ولا خير إِلا خيرك، ولا إِله غيرك».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
«لا طيرة وخيرها الفأل» قالوا: وما الفأل؟ قال: «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم».
ويقول الإمام النووي في «شرح صحيح مسلم»: «وأما الفأل: فقد فسره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة. قال العلماء: يكون الفأل: فيما يسر وفيما يسوء والغالب في السرور».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/8ahwx7c3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"