الصوت الداخلي.. الألم

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

كلنا نعرف أن الصحة تاج، وأنها أغلى النعم. أن تستيقظ صباحاً، وأنت تدرك أنك بخير ونعمة وعافية ولا تشكو ألماً، ولا تصبح على تناول كمية من الأدوية، وتمسي حين تدرك أنك مغبون، وجب عليك الشكر صباحاً ومساءً لله رب العالمين، وفي المقابل تعودنا أن نقول لأنفسنا أيضاً نحن بخير فهل نحن بخير؟
أجسامنا هي ترجمة لما يعترينا، لما نمر به من ضغوط في حياتنا، هي الانعكاس والصورة الحقيقية لماهية حياتنا. فحين يبدأ ألم ما في مكان ما أول ما نقوم به، هو البحث في الصيدلية المنزلية عن مسكن الألم، عن أسرع الحلول دونما التوقف أولاً والاستماع لهذا الصوت الخفي الذي يريد أن ينبهك لأن تتوقف وأن تصمت حيناً وتنصت، تبدأ المشكلة تكبر، يكبر الألم وتكبر معه آثار أخرى، ولا نزال نهمل الصوت الداخلي، ننكر وجوده ونخفي حتى حقيقة أننا لسنا بخير.
أجسامنا تبدأ مرحلة النداء، من أجل الحل من أجل أن نستجيب، ونتوقف قليلاً حتى ندرك أننا في طريق مهلك، ولكن هل من مجيب؟ نحن نهمل أنفسنا حتى يقتلنا الألم، حتى نصير على شفا من المرض لا ينفع معه الإنكار، ولا طريق للرجوع العكسي. حين تتفاقم الأمور وتصبح معقدة في دواخلنا لا يمكن باستمارة أدوية أن تخف لاحقاً، ما حصل منذ سنوات من جرس الإنذار كان يتوسل إليك حتى تنصت، وهنا أخبرك: أنصت ولا تضع كل شيء ذا أولوية غير صحتك، أنصت وابحث عن طبيب حقيقي، يستمع إليك، لا تذهب لمن اعتاد السؤال السريع وكتابة الأدوية المكررة، وبعض الفحوص التي أنت تصر عليها لا هو، وتكون النتيجة، كل شيء بخير.
اقرأ وثقف نفسك عن نفسك، عن الآلام التي تحس بها، ما استفدت منه في تجربتي الشخصية أنني كنت أتابع طبيباً ما، كان يعيد ويكرر أعراضاً معينة تصيبنا إذا كنا نشتكي من مرض ما، كان يصر على الفحص الطبي، على الذهاب للعيادة، على التشخيص الدقيق، كنت أسمع وأضع الأولوية بعيدة عن جدول الأعمال الذي لم يحتوي صحتي في القريب العاجل، حتى زادت الأعراض وأدركت بنفسي قبل الطبيب أن الأمر غير طبيعي، جادلت حتى وصلت للسبب، وعاندت حتى أصبحت في طريق اللاعودة، الحياة سريعة، والمرض يتسارع مع أسلوب حياتنا، التسويف والتأخير لن يفيدنا.
 ولن يتذكر أحدهم ما قدمنا حين تتوقف الحياة في داخلنا، أعتذر إلى نفسي أولاً والى الصوت الداخلي الذي مراراً وتكراراً كان يطرق الباب، وأدعوكم لأن تتوقفوا عن كل شيء حين تحسون بأي ألم، حين تشعرون بأنكم لستم بخير، حين تبدأ بعض العلامات بغزوكم، فهي رسالة الجسد المتعب أن توقف، فأنت لا تعيش حقيقة، اسمع واستجب، وكن منصفاً لأن الصحة هي الوقود الذي ستستمر به حياتك، ولا تصبر يوماً على ألم وأهمل كل المسكنات واستعن بالطبيب. لا تخفي صوتك الداخلي بل صادقه وكن بخير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yx4vw4hc

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"