لغز مصاعد التزلج ونظرية النوادي

21:15 مساء
قراءة 3 دقائق

د.عبدالعظيم حنفي*

ذهبت عائلة الاقتصادي «روبرت بارو» إلى كاليفورنيا لقضاء إجازة. وكانت المشكلة الاقتصادية التي عاد بها الأب إلى المنزل: لماذا توجد طوابير وصفوف طويلة لانتظار الركوب داخل الحديقة؟ و كان هذا هو الحال بالنسبة لأسعار تذاكر المصاعد في منتجعات التزلج، فبالنسبة لاقتصادي مثل «بارو»، كانت الطوابير

والصفوف الطويلة دليلاً لا شك فيه على فشل السوق.. لماذا لا يستخدم العاملون الأسعار للتخلص من الصفوف الطويلة؟ أي يستطيعون أن يكسبوا مزيداً من الأموال إذا فعلوا ذلك؟ كان هذا هو نوع الألغاز في نظرية السعر التي كان يفضلها الاقتصاديون، و خاصة من مدرسة شيكاغو، وكان الاقتصاديون يرغبون في حل هذا اللغز، كان هذا في خريف عام 1986، ثم قام «بارو» مع الاقتصادي الشهير«رومر» بكتابة ورقة بحثية مشتركة عن هذه الخطط التسعيرية المجمعة. وكانا من محبى التزلج، لذا قررا أن يركزا على حالة مصاعد التزلج على وجه التحديد وقد تؤدى الممارسة إلى خلق رؤية عميقة مفيدة.

وقد اعتقدا لبعض الوقت أن لغز مصعد التزلج لابد أن تكون له علاقة بالازدحام، «مأساة المشاعات».

والاستخدام المجاني لمورد نادر، عادا إلى مثل اقتصادي شهير بطريق ضيق جيد الصيانة (عليه كثير من المسافرين) بالتوازي مع طريق سريع و لكن غير جيد من ناحية الصيانة (عليه قليل جداً من المسافرين). وفي هذه الحالة يكون الحل هو إنشاء كشك تحصيل للرسوم في الطريق الجيد، وربما كانت مشكلة مصعد التزلج حالة أخرى يمكن حلها عن طريق حقوق الملكية وهي المشكلة التي يمكن حلها بسهولة فقط إذا ما قام القائمون على تشغيل المصاعد بتقاضي رسوم عن المقاعد و رفع أسعارها كلما وصل الطلب إلى الذروة. و تبين ل «باور» و «رومر» تدريجياً أن ملاك منتجع التزلج قد قاموا بالفعل برفع الأسعار عندما يزداد الطلب. وهكذا استنتج المؤلفان أنهما كانا ينظران إلى السعر الخاطئ.

ظهرت ورقة «تسعير مصعد التزلج»، بالتطبيق على سوق العمل وأسواق أخرى، « في مجلة الاقتصاد الأمريكي في شهر ديسمبر عام 1987. تم إثبات كل التحليلات بصورة دقيقة في رياضيات التوازن العام، كما تم اقتراح تطبيقها على بعض الظواهر بداية من نظام التسعير ذي المستويين في مترو باريس ووصولاً إلى مخططات تقاسم الأرباح بين استثمارات المؤسسات المصرفية (حجم مكافأة نهاية العام، مثل عدد راكبي مصعد مصعد التزلج. تعتمد كل منهما على عدد الأفراد المستخدمين).

بلا شك كونت ورقة تسعير مصعد التزلج مساهمة في النظرية الاقتصادية. ولكن، أثبت الاقتصاديون الشباب، الزملاء من جامعة كاليفورنيا أن المرجع في النموذج الأساسي في تلك الورقة، هو عبارة عن إعادة اكتشاف لنظرية النوادي. في حين لم يتمتع بعض الكتاب الآخرين بنفس القدر من التهذيب. وجهوا جميعاً نفس التهمة الأساسية: وهى أن «بارو ورومر» قد قاما بإعادة اختراع العجلة في ورقتهم وفشلوا في الاستشهاد بالصناع الحقيقيين للعجلة. ومن ثم عاد المؤلفان إلى الوراء وقاما بقراءة ورقة «نظرية اقتصادية للنوادي»، وهى الورقة البحثية التى نشرت في مجلة Economic التى كتبها «جيمس بوكانان» عام 1965، والتى منحت هذا المجال اسمه. وعندما قام رومر و بارو بكتابة ورقتهما، عرف الاثنان أن النتيجة المعيارية في نظرية النادي تعارضت مع نتيجتهما، وكان «جيمس بوكانان» شخصية مشهورة في عام 1987. وفي العام السابق على ظهور ورقة «تسعير استخدام» مصعد التزلج «كان قد حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد على مجمل أعماله في مجال اتخاذ القرار السياسي.

وتدور نظرية النادي بشكل رئيسي حول الازدحام. وتعطى حمامات السباحة مثالاً جيداً. وكان جوهر التحليل قد أنصب على أن العضوية في نوادي السباحة هي سلع وسيطة ينتهى بها الأمر إلى التصرف كسلع منافسة، وأنه سيتم تحقيق المنافسة الكاملة في النهاية. بمعنى آخر لا تتطلب نظرية النادي وجود قدر ذی دلالة من عدم التحدب في الرياضيات. وسرعان ما أصبحت نظرية النادي هي المعالجة النمطية لأي عدد من المشاكل».

* اكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wc4jwct

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"