إنها حرب تكسير العظام

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

من سيفوز في حرب أوكرانيا؟ السؤال لم يعد مطروحاً في مؤسسات بحوث السياسة الخارجية في الغرب، لأن الإجابة الآن يغلفها الغموض، أمام توقعات بأنها ستكون حرباً طويلة. ثم إن من المحتمل أن تتجاوز الأحداث حدود الأزمة الحالية، وأن تخلق أزمات جديدة قد تهدد الأمن العالمي.
أمام هذا المشهد شديد التعقيد، بادرت مجموعة الأزمات الدولية، وهي تجمع دولي من حيث التكوين والاهتمامات، بتوجيه نداء يدعو إلى موقف غربي وعالمي، يتسم بالقوة والحكمة،حسب وصفها، ويكون حاسماً في الحد من الأضرار المتوقعة من طول أمد حرب أوكرانيا.
وقال بيان المجموعة: إن تلك الحرب لم تتسبب فقط بتحول في سياسات الأمن الأوروبي، لكنها أفرزت تأثيرات عالمية، من المحتمل أن تنتج عنها تهديدات أمنية جديدة، فبعد أشهر من الأزمة ثبت فشل الدبلوماسية في تجنب أوروبا حرباً هي الأكبر عبر أجيال، وهو ما يحتاج الآن للعودة إلى سياسات أخرى تحد من الأضرار التي نتجت عنها، ثم أن أوكرانيا لا يزال في إمكانها، ومعها الدول الغربية، استثمار المفاوضات، ليس فقط لإنهاء الأزمة؛ بل أيضاً لهيكلة حديثة للأمن الأوروبي، بناء على تلك التجربة المريرة. ثم إن الدبلوماسية بإيقاعها الحالي، إضافة إلى الإجراءات المضادة من الغرب ضد بوتين، لن تغير من المزاج السياسي في روسيا.
إن أصحاب المواقف التي تنتقد السياسات الغربية في أمريكا وأوروبا، وصفوا الأزمة بأنها، في جانب منها، من صنع التحالف الغربي، وذلك منذ تمدد حلف «الناتو» عقب انتهاء الحرب الباردة، ووصل الحال إلى خطر مستمر في التصعيد.
ولما كان التصعيد لا يستبعد أي احتمالات لاستخدام روسيا للسلاح النووي، في مواجهة زيادة ضغوط الغرب على روسيا، فقد دخلت مجلة «إيكونوميست» ساحة الحوار بمقال افتتاحي قالت فيه إن أوكرانيا صارت عبئاً ثقيلاً، وهو رأي يتماشى مع مقولات لمحللين غربيين بأن الدفاع عن أوكرانيا لا يستحق المخاطرة.
هذه الآراء جاءت على ضوء ما أشار إليه «الكرملين» عن إمكان اللجوء إلى السلاح النووي. وعلى ضوء ذلك، صار هؤلاء المحللون مشغولين بالتساؤل: كيف سيقدم بوتين على تلك الخطة المنذرة بالسوء؟ وكيف سيكون رد فعل الغرب عليها؟
وبدأت مراكز الفكر السياسي تضع تصورات لما سيحدث، من بينها القول إنه لو لجأت روسيا إلى الأسلحة النووية، فإن استخدامها سيكون داخل أوكرانيا، وبعيداً عن أراضي دول «الناتو».
وإن كان البعض قد اختلف مع هذه التوقعات، منهم ألكسندر فيرشبو، السفير الأمريكي الأسبق في موسكو من 2001 – 2005، الذي قلل للغاية من هذا الاحتمال.
كل هذه التعقيدات في المشهد المرتبك أحدثت انقسامات داخل مراكز الفكر السياسي الرئيسية في الغرب والرافضة لاستمرار الحرب، وهو ما ظهر مؤخراً في معهد كوينسى الأمريكي للسياسات، فقد استقال اثنان من كبار أعضائه احتجاجاً على ما وصفاه بعدم اتخاذ المعهد موقفاً حاداً ضد غزو روسيا لأوكرانيا. وطالب أعضاء آخرون في نفس المعهد، وهم مخالفون لهما في الرأي، إدارة بايدن بالضغط على أوكرانيا للوصول إلى اتفاق سلام.
وظاهرة الانقسامات في مراكز الفكر السياسي الأمريكية كانت تعكس مواقف داخل أمريكا، والتي قالت إن قليلين من الرأي العام هم الذين يؤيدون الموقف الرسمي للإدارة الأمريكية. 
وإزاء التوقعات بحرب طويلة، فإن مجلة «إيكونوميست» قالت إننا أمام حرب قد تكسبها روسيا، وإن قوة احتمال بوتين للحرب ستكون اختباراً فعلياً لعزيمة الغرب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8ts4bk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"