أزمة القرن

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

تستحق الظروف المناخية التي تعصف بالعالم اليوم لقب أزمة القرن بامتياز. فما يحدث هو في الحقيقة والواقع أشد وقعاً من الحروب التي تدور هنا وهناك، أو الأزمات السياسية التي تلحق أضراراً ببعض الشعوب والأمم، وهي أخطر حتى من الأزمات الصحية التي شهدها العالم مؤخراً، والتي تمكن البشر في النهاية من احتواء أخطارها المميتة.

ما يشهده العالم اليوم من المناخ المتطرف شيء مختلف تماماً وتهديد لا سابق له للمجتمعات البشرية، ولم يشهد العالم مثيلاً له إلا في التاريخ القديم.

إن المخاطر التي تطرحها الأوبئة الفتاكة والحروب والأزمات السياسية تتضاءل كثيراً أمام الخطر الزاحف على كوكب الأرض وسكانه. والتغير المناخي يتحرك لإعادة رسم خرائط جديدة للعالم بينما تقف المجتمعات البشرية عاجزة عن التصدي لهذه المخاطر التي تحدث أمام ناظريها، كما أنها لا تملك إلا رؤية محدودة عما يمكن أن يحدث لها في المستقبل.

نعم، لقد باتت تأثيراته ظاهرة للعيان بشكل يجعل من الواقعية الاعتراف بأن الكرة الأرضية أصبحت بالفعل في قبضة المناخ وتقلباته العنيفة والمتطرفة. وتتحرك التقلبات المناخية عبر جناحين هائلين هما الجفاف والقحط القاتل من جهة والفيضانات المدمرة من الجهة الأخرى. ويكاد هذان الجناحان أن يطبقا على جغرافية الأرض برمتها.

ويتسبب الجفاف في موت الأراضي الحية ويحول المناطق الزراعية إلى صحارى جرداء ويؤدي إلى هلاك المواشي ويحول سكان المناطق الأغنياء إلى فقراء ويدفعهم إلى التشرد والهجرة إلى مناطق أخرى.

لكن الموجة الجديدة من الجفاف أصبحت أوسع بكثير وبشكل فاجأ الجميع. فالتقارير تقول إن نصف أراضي القارة الأوروبية مهددة بالجفاف. وقد شهدنا خلال الفترة القليلة الماضية انخفاض مناسيب الأنهار الرئيسية في أوروبا وبريطانيا وانحسار الموارد المائية، الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً. كما زحفت موجات الجفاف لتهدد مناطق واسعة في الولايات المتحدة وروسيا والصين.

ولم تسلم المنطقة العربية من هذه التقلبات الخطرة، فقد وصلت طلائع الجفاف إلى مناطق في سوريا والعراق وسببت أضراراً للمحاصيل الزراعية ونشرت القلق حول ما يمكن أن يحمله المستقبل.

أما الجناح الآخر للمناخ المتطرف فنشاهده عبر تسونامي الفيضانات العنيفة التي تلحق الدمار بشعوب شبه القارة الهندية وأستراليا والعديد من الشعوب الإفريقية.

إن الأمل الوحيد أمام البشرية لمجابهة أخطار المناخ المتطرف وتوفير درع حماية لسكانه، يتمثل في التزام الحكومات بمكافحة الاحترار وتعزيز التضامن الدولي لحماية المجتمعات الضعيفة، ولا شيء غير ذلك إلا الطوفان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3rrjam6w

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"