عادي
أبرز فناني «ما قبل الروفائلية»

«حلم اليوم» لروزيتي.. الرسم يصور الشعر

23:16 مساء
قراءة 4 دقائق
10

الشارقة: عثمان حسن
دانتي روزيتي، (1828 – 1882) هو أحد كبار الرسامين الإنجليز في القرن التاسع عشر، وكان شاعراً ومترجماً، ارتبط اسمه بمثقفي وكتّاب عصر النهضة، وقبل ذلك فقد كان أحد المعجبين بسيرة الشاعر الإيطالي دانتي أليغيري«(1265 – 1321) خاصة عمله«فيتا نوفا أو «الحياة الجديدة» تلك السيرة التي ضمنها أليغيري قصائد شعرية إلى حبيبته بياتريش.. وهي ذات السيرة التي سار على خطاها الفنان روزيتي، فكانت رسوماته في السنوات الأخيرة من حياته قد ارتبطت بموديل حبيبته «جين موريس»، التي ضمنها بدوره قصائد ذات دفقة عاطفية واضحة. لكن، ما هو مهم في حياة الرسام روزيتي، هو تأسيسه لرابطة أو حركة «ما بعد الروفائيلية».. التي كانت بمثابة ثورة على التقاليد الفنية للأكاديمية الملكية.

في عام 1845، التحق بمدارس الأكاديمية الملكية، وخلال هذه الفترة ثقف نفسه بقراءة الأدب الرومانسي والشعري: فقرأ شكسبير، وجوته، واللورد بايرون، والسير والتر سكوت، وكان مفتوناً بالكاتب الأمريكي إدغار آلان بو.

في عام 1847 قام باكتشاف الشاعر والرسام الإنجليزي ويليام بليك، فأعجب بنصوصه ورسوماته الفنية، في سن 20 عاماً كان روزيتي قد قدم بالفعل عدة ترجمات لشعراء إيطاليين، خاصة «دانتي أليغيري».

برز روزيتي في تقنية استخدام الألوان المائية، بعد أن هجر الألوان الزيتية، كما تحول من الموضوعات التقليدية إلى مشاهد استوحى من خلالها الشحنة الدرامية لأعمال إبداعية مهمة لشكسبير وروبرت براوننج ودانتي، مما سمح له بحرية أكثر في التخييل.

اهتم في فترة لاحقة بأعمال الكتاب: السير توماس مالوري، أعمال اللورد تينيسون الخاصة بالملك آرثر، فأنجز لوحات بارعة في ألوانها وإكسسواراتها في العصور الوسطى.

حياة جديدة

شهدت الفترة ما بين (1871- 1879).. تقديم روزيتي لبورتريهات غاية في الجمال والحس العاطفي، وهي الفترة التي انتهج خلالها أسلوباً فنياً يمزج بين الحساسية الفنية من جهة، والموضوعات الأدبية الدرامية، وهنا، عاد مرة أخرى إلى تقنية استخدام الزيت، حيث شهدت تلك الفترة وهجاً فنياً كبيراً، حيث رسم لوحته الشهيرة «حلم اليوم» التي تعتبر دليلاً آخر على وهج هذه الفترة من حياة الفنان.

اللوحة

رسم روزيتي «حلم اليوم» في 1865، وهي تعكس للوهلة الأولى، شعوراً بالبراءة، وفي الحقيقة، فاللوحة تصوير جميل لامرأة شابة، وهي ملهمة الفنان وجبيبته، واسمها جين موريس، وترتدي ثوباً أخضر حريرياً فضفاضاً، ويمتزج مع أغصان شجرة الجميز، وقد صور روزيتي أغصان الشجرة وكأنها تود أن تحتضن المرأة الملهمة.

تظهر جين في اللوحة، وهي تحمل في يدها جذعاً صغيراً من زهر العسل، كناية عن الحب في العصر الفيكتوري، وكان روزيتي في تلك الفترة متورطاً في علاقة حب مع جين موريس، وهي التي صارت نموذجاً للعديد من لوحاته المعروفة.. وكل من ينظر إلى جين في اللوحة لا يسعه إلا أن يدرك أنها كانت مستغرقة في أحلام اليقظة، وتوجه نظرها نحو شيء لم تره أو تتصوره.

هذه اللوحة التي ظهرت بأبعاد مكتملة، هي واحدة من لوحات روزيتي في المراحل الأخيرة من حياته المهنية، كما أجرى عدة تنقيحات على اللوحة للتأكد من توقعاته الدقيقة التي ظهرت في اللوحة.

أما النبات المتسلق ذو الرائحة الحلوة الذي يظهر في اللوحة، فيرمز إلى روابط الحب بين الفيكتوريين، وربما يكون روزيتي قد أدرجه هنا، كمرجع دقيق للعلاقة بين الفنان وموديله.

لافيتا نوفا

كان روزيتي يود أن يطلق على اللوحة اسم «مونا بريمافيرا» أو «فانا بريمافيرا» والاسم مستوحى من «لافيتا نوفا» التي تعني «الحياة الجديدة» وهو نص كتبه دانتي أليغيري«ونشر في عام 1294، ويصور مشاعر الحب في العصور الوسطى، هذا النص، سحر روزيتي بأسلوبه الذي يمزج بين النثر والشعر، بعبارات قصيرة ومكثفة».

بعد التدقيق في اللوحة، اعتقد البعض أن الصورة تمتلك سمات حسية غريبة، وهي آراء تستند على الأرجح إلى طبيعة موضوع الموديل، وقد تكهن الكثيرون أن يد المرأة، تساعد نسغ الشجرة على النمو، وقد وصف «هنري جيمس» جين موريس ذات مرة بأنها«كانت شهيرة بارتدائها لملابس تخالف ما متنت ترتديه معظم نساء أواخر القرن ال 19» ما يعني أنها كانت ذات شخصية فريدة على الأقل بالنسبة لدانتي روزيتي، الذي رسمها بألوان خضراء نابضة بالحياة، مع ضربات فرشاة أنيقة، ودقيقة، خاصة لأوراق الشجرة، حيث أضاء ببراعة على أزهارها، ومبرزا في ذات الوقت«نضارة» و«هشاشة» أواخر الربيع، كما أظهر فستان موديله مضاء بألوان زرقاء ولامعة.

وكعادة روزيتي، الذي كان يرفق كل لوحة بقصيدة شعرية، فلم تكن«حلم اليوم» استثناء عن القاعدة، فصاحبت اللوحة سونيتة جميلة شكلها من جمال المرأة وأغصان شجرة الجميز النضرة، لكنه أظهر ملهمته أكثر جمالاً وسحراً وعذوبة.

خلفية

جين موريس (1839 – 1914) هي مزخرفة إنجليزية في حركة الفنون والحرف اليدوية ونموذجاً للفنانين يجسد الجمال ما قبل الرافائيلية، وكانت عارضة أزياء وملهمة لزوجها ويليام موريس (وهو بدوره فنان ومصمم وشاعر وحرفي وكاتب سياسي كان له تأثير كبير على الثقافة والفنون في العصر الفيكتوري البريطاني)، كما كانت ملهمة لدانتي روزيتي، وصارت موديلاً لأعماله الكثيرة.

ما قبل الروفائيلية

هي رابطة تشكلت من الرسامين والشعراء البريطانيين عام 1848 احتجاجاً على المستوى المتدني للفن الإنجليزي في القرن ال 18، بهدف إعادة تشكيل الفن من خلال رفض الأعمال التي قام فنانوها بتغيير العناصر القياسية للرسم من أتباع رفائيل وميكيل أنجيلو. تميزت أعمالهم بالوله والشوق والألوان الزاهية، والصارخة، كما تطرقت رسومات هذه الرابطة أو الحركة إلى موضوعات قصصية وأسطورية. وأبرز ممثليها غابريل روزيتي وجون ميليه وهولمان هينت.

تعاملت ما قبل الرفائيلية مع قيم الموضوعات المصورة واستخراجها من تاريخ الآداب وخاصة الأساطير، كما تعاملوا بأمانة مع الطبيعة والتعبير عن تفاصيلها المرئية خاصة لزهورها وحدائقها وأشجارها، مستخدمين الألوان النقية الصافية، بالتركيز على شفافية التقنية.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26aa4tr3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"