ليبيا.. نار تحت الرماد

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ما أكثر القرارات والبيانات التي صدرت عن مجلس الأمن بشأن ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وما أكثر الاجتماعات والمؤتمرات التي عُقدت بهذا الخصوص في أكثر من دولة عربية وأوروبية، في محاولة لوضع حد للمأساة الليبية، والتفلت الأمني والتدخلات الخارجية.

كلها كانت مجرد اجترار لمواقف غير جادة، وانعدمت فيها المواقف الصريحة التي تسعى إلى تخليص هذا البلد من كابوس يعيشسه يومياً على وقع صراعات سياسية وعسكرية، وانقسامات جهوية، وفوضى ميليشياوية، وتدخلات خارجية معلنة، ومرتزقة تم تصديرهم إليه، للعبث بمقدراته، وزيادة مأساته.

البيان الذي صدر عن مجلس الأمن، يوم الخميس الماضي ودان الاشتباكات العنيفة التي ارتكبتها الميليشيات في مدينة طرابلس، ودعا جميع الأطراف إلى «المحافظة على الهدوء، والامتناع عن العنف أو أية أعمال أخرى من شأنها تصعيد التوترات، وتقويض العملية السياسية»، وطالب مجدداً ب«انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد من دون المزيد من التأخير» يشبه البيانات والقرارات السابقة التي صدرت عن المجلس، والتي ظلت حبراً على ورق، لأنها افتقدت آلية التنفيذ، والجدية الحقيقية؛ فالمجلس لم يُفعل قراراته، ولم يضغط على الدول المعنية، للالتزام بنصوص القرارات؛ حيث إن بعض الدول المعنية تمارس شكلاً من أشكال الخداع، لإعطاء أمل كاذب للشعب الليبي، لأنها تريد اقتسام كعكة الثروات الليبية قبل التوصل إلى حل؛ وذلك من خلال استمرار الفوضى، واستثمار الميليشيات والانقسامات.

ما شهدته مدينة طرابلس، الأسبوع الماضي، من اقتتال بين الميليشيات، أودى بحياة أكثر من 30 قتيلاً و100 جريح، وأدى إلى دمار واسع في المباني والمؤسسات والممتلكات الخاصة، يؤشر إلى أن الميليشيات التي تدعم هذه الحكومة أو تلك، قادرة في أي وقت على استئناف المعارك، وربما توسيع نطاقها، طالما أن آفاق الحل مسدودة، والانقسام الحكومي متواصل، خصوصاً أن هذه الميليشيات ما زالت ممسكة بالقرار، وتقف على خطوط تماس متقاربة، مع تغيير في خريطة تواجدها بعد المعارك الأخيرة، وسيطرة بعضها على مواقع أخرى، ما يشجعها على استكمال سيطرتها، من دون إعطاء أهمية لمواقف وبيانات دولية، تدعو إلى وقف الاشتباكات، طالما أنها تدرك أنه لا أحد سوف يحاسبها.

يبدو أن المعركة لم تنتهِ بعد، والنار ما زالت تحت الرماد، ورئيس الحكومة المنتهية ولايته عبد الحميد الدبيبة لم يسلم السلطة بعد لرئيس الحكومة المُنتخب فتحي الباشاغا، مستنداً إلى ميليشيات مسلحة تسليحاً جيداً، ومدعومة من قوى إقليمية ودولية.

إن إطلاق رصاصة واحدة في العاصمة طرابلس في ظل هدنة هشة جداً، قد يشعل معركة أعنف وأشد وأوسع، وسيكون الشعب الليبي وحده هو الضحية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdd8y7z8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"