عودة إلى الطريق السليم

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

لم نكن نحتاج إلى ميثاق، كي نفهم أصول التعامل بين البشر والأخلاق وضبط النفس واللسان والالتزام بكل المبادئ والقيم ضمن الحدود التي يسمح بها المجتمع، فما الذي تغير، ولماذا صار لابد من إعادة التذكير بكل ما كان بدهياً ومعلوماً يوم كنا نتشرب تلك القواعد والأصول ونحفظ الحدود منذ الطفولة المبكرة ومع تفتح أعيننا ووعينا على الدنيا؟ 
الميثاق المهني والأخلاقي الذي وضعته وزارة التربية والتعليم للعاملين في مؤسسات التعليم العام (الحكومي والخاص)، والمستند إلى 10 مبادئ وقيم أخلاقية، بات ضرورياً في زمننا هذا، وليت كل دول العالم تعيد تقييم المنظومة التعليمية، لتحديد الأولويات في زمن صار الانفلات فيه والتطاول والتباهي بالخروج على القيم والأخلاق «موضة» ينشرها «المنفلتون» على كل وسائل التواصل الاجتماعي، زمن يخترق فيه الطالب «العبقري» في التعامل مع التكنولوجيا (كما يسمونه) الحساب الشخصي لأستاذه وحساب مدرسته ويتحكم بحضوره وغيابه وعدد المرات التي يشارك فيها بالدخول على صفحة المدرسة وكأنه أفضل من يقرأ ويتابع ويتمم واجباته!. 
ميثاق المحافظة على القيم والمبادئ يسعد كل من يعمل في المجال التربوي، لأنه من المفروض أن يتوافق مع مفهومه السليم للتربية، وينطبق حرفياً على من يتحلى بالأخلاق ويعيش بهاجس مسؤولية تنشئة أجيال وتربيتهم على المبادئ الصحيحة، وتوجيههم إلى الطريق الصواب، خصوصاً أن أمواج التضليل وتشويه كل القيم والثوابت عالية جداً، وتتقاذفهم لترمي بهم على شواطئ الضياع والانفلات الأخلاقي، والشذوذ بكل أشكاله. 
كل من يعمل في القطاع التربوي يُقبل على هذا الميثاق، ويتمسك به، لأنه يساعده في عمله، ويدعمه في وجه أي طالب ينحرف عن الأصول، وكل ولي أمر يسعى إلى نصرة ولده دون وجه حق حتى ولو كان يعلم في قرارة نفسه أنه يضل الطريق؛ الميثاق يسعد أولياء الأمور، لأنه يضمن لهم عودة الهيبة إلى التعليم والمعلم، وتمسك المدارس كلها بتطبيق القوانين والانضباط ضمن الحدود التي يفرضها الضمير والواجب المهني، وهذا الميثاق يحدد مسؤوليات والتزامات وواجبات الجميع، من معلمين وإداريين وطلبة، من أجل تأمين بيئة تعليمية صحية وسليمة.
زرع القيم الإيجابية في نفوس الطلبة، و«صونهم من الأفكار الدخيلة والتوجهات غير السوية على الدين والعادات والتقاليد الوطنية، وتعزيز مبادئ التسامح وتقبل الآخرين»، هو هدف يجب التمسك به، تماماً مثل التمسك بأهمية أن يعود المعلم قدوة حسنة للطلاب في كل سلوكياته وألفاظه وتعامله معهم في مختلف المراحل العمرية، وقدوة أيضاً في تصرفاته خارج المدرسة وما ينشر ويقول على السوشيال ميديا الذي صار مرآة أخرى تعكس حقيقة أفكار وأفعال كل إنسان؛ لذلك نرى أن الميثاق عهد جديد يوثق القديم، ويعيدنا إلى الطريق السليم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2nuds95d

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"