متلازمة المحتال

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

قد تكون سمعت باسم هذه المتلازمة غير المحبب، وهو «متلازمة المحتال» أو «إمبوسترسندروم» التي تم تشخيصها لأول مرة في عام 1978 من قبل عالمتي النفس بولين كلانس وسوزان إيمز، حيث تمت ملاحظة أن بعض الأشخاص ممن يمتلكون مستويات عالية من المهارات الاجتماعية يعتريهم الشك حول مهاراتهم وذكائهم، الأمر الذي قد يتحول إلى حالة عقلية منهكة تحرمهم من الاستمتاع بحياتهم، وتحقيق الفائدة لمحيطهم ومجتمعهم.
لقد طورت العالمتان كلانس وإيمز هذا المفهوم، في سياق التركيز على النساء ذوات الإنجازات العالية، وتمثلت الفرضية في إن هؤلاء النساء، يقعن ضحية الشعور بأنهن لسن بالذكاء الظاهر للآخرين، وبالتالي يقمن بخداع الناس، ومع مرور الوقت برزت أسماء لشخصيات نسائية في عالم السياسة والمال والأعمال والترفيه، ممن اعترفن بمعايشة هذه التجربة مثل ميشيل أوباما وشيريل ساندبرغ، إلا إنه، وفي هذه البيئة الاجتماعية والثقافية الأمريكية بالتحديد، تضافرت عوامل كثيرة أهمها العنصرية المنظمة، الخوف من الأجانب، الطبقية وغيرها من التحيزات، وبالتالي يمكن أن نشير إلى خصوصية كبيرة في ذلك السياق.
وفقاً لتحليل أجرته عالمة النفس السلوكي في معهد ماساتشوستس على أكثر من 3600 موظف، فإنه يمكن لمن يعانون هذه المتلازمة، أن يكونوا لاعبين جيدين «إذ إن شعورهم المستمر بعدم الكفاءة، يدفعهم إلى بذل المزيد من الجهد، لتعزيز علاقاتهم مع زملاء العمل، دون أي تأثير سلبي على الإنتاجية». بطبيعة الحال لا يمكننا إلقاء اللوم على الأفراد، رجالاً ونساء، في ما يتعلق بهذه المتلازمة، دون الانطلاق من سياقات تاريخية واجتماعية وثقافية محددة. 
الرجال، على سبيل المثال، في المجتمعات الذكورية المتجانسة ثقافياً، قد لا يعانون هذا الأمر، بينما يعاني أقرانهم في بيئات عالية التنافسية والطبقية في آن، إلا أنه نادراً ما تتم الإشارة إلى الأمر، بينما يتم التركيز على النساء وربط شعورهن بعدم اليقين عند خوض تجارب جديدة في المؤسسات بنوع من النمطية، ما يحول هذه القضايا إلى فردية بحتة، بينما يكمن الحل في تخليص بيئات العمل من التمييز، وإساءة استخدام السلطة تجاه الأفراد.
خلاصة القول إنه دون دراسة ميدانية جادة، لن نتمكن من تحديد أنواع الظواهر الاجتماعية والوظيفية المنتشرة بيننا، كما ولن نتمكن من خلق رؤية خاصة بنا كعرب وخليجيين بمفاهيم مثل «متلازمة المحتال»، إذ لا أخطر علينا من تبني نظريات تم تطويرها في سياقات متباينة، ما يؤدي إما إلى نفي الظاهرة جملة وتفصيلاً، وإما معالجتها بطريقة سطحية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3xcbbb3j

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"