عادي
ناقش تحولات البناء الروائي والمعطى التاريخي

ختام ملتقى الشارقة للسرد في القاهرة

23:23 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: «الخليج»

أسدل ملتقى الشارقة للسرد الستارة، أمس الأول الثلاثاء، على أعمال الدورة الثامنة عشرة التي استضافتها مصر على مدى يومين، تحت عنوان «المتخيل السردي في الرواية العربية المعاصرة»، وشهدت مشاركة أكثر من 60 مبدعاً من روائيين وقاصّين وأكاديميين ونقّاد مصريين.

انعقد الملتقى تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وركز على المجال النقدي في السرد بكل أنواعه الإبداعية.

أقيم حفل ختام الملتقى في المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة بحضور عبدالله العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ود. هشام عزمي، الأمين العام للمجلس، ومحمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، وعدد كبير من المهتمين في المجال السردي.

المحور الثالث

شهد ثاني أيام الملتقى مناقشة للمحور الثالث وهو بعنوان «تحولات البناء في الرواية المعاصرة»، وشارك فيه: د. حسين حمودة، ود. جمال عبد الناصر، ود. محمد هندي، في جلسة ترأسها الإعلامي خليل الجيزاوي.

وأشار د. حسين حمودة إلى أن «تحولات البناء في الرواية المعاصرة» هو عنوان رحب، يشير إلى أبعاد كثيرة تخص حدود مجاله، والمساحات التي يمكن أن تتحرك فيها مفرداته (التحولات، البناء، الرواية، المعاصرة)، وما يتصل بهذه المفردات من ظواهر وتمثيلات وقضايا وتساؤلات متنوعة.

وقال: إن«التحول» يمثل سمة عامة، ماثلة في مسيرة الرواية بأكملها، في كل المجتمعات التي عرفت فن الرواية، وهذا التحول يعدّ بحدّ ذاته، خصيصة تكوينية من خصائص الشكل الروائي نفسه، ظلت سمة ملازمة له عبر تاريخه الطويل، وقد تبلورت هذه السمة بوضوح في التصورات النقدية رحبة الأفق، التي رأت أن الرواية فن نهض دائماً على استيعاب وامتصاص عناصر تعبيرية متنوعة، تنتمي إلى أنواع وأجناس شتى، أدبية وغير أدبية».

وقدّم د. جمال عبد الناصر قراءة تطبيقية في روايتي «المشّاءة» لسمر يزبك، و«نهارات لندنية» لجمعة بوكليب، وقال: «إن يزبك استطاعت، ببناء رواية «المشاءة» على ذلك النحو السردي لمجموعة لا تكتمل من الحكايات، تتناسل في رحم المشي المتواصل، أن تجعل السرد (البناء) وخلفيته (الواقع) يتبادلان دوريهما، في سبق فني تحولي، لا سيّما السرد الذي صار وسيلة وغاية في الوقت نفسه، وراحت تخاطب من خلالهما قراء مفترضين، عبر ساردة لا تتوقف عن المشي، حتى أنها تمشي بخيالها، في رحلة سرد قوامها التخييل الإبداعي، لا الواقع التسجيلي، فتذوب المشاهد العبثية التي تصورها في قالب روائي تخييلي».

الرواية النسائية

تناولت ورقة د. محمد هندي تحولات الرؤية السردية في الرواية النسائيّة الافتراضيّة، مشيراً إلى أن المرأة تمكّنت بفضل ما أتاحته شبكة الإنترنت من فضاءات تفاعلية؛ من الخروج من دائرة الفرديّة، إلى المعايشة الجماعية عبر الانفتاح على الآخر، وهي بهذا الانفتاح التفاعلي تطمح (كما تبيّن أنشطتها الثقافية في هذه الفضاءات) إلى ترْك بصمة أنثوية ذات صبغة حضاريّة تهدف إلى رصد التحوّل التاريخي الذي تشهده البشرية عبر أطوارها المتعاقبة، موضحاً أن في ذلك تأكيد منها على أن لها صوتاً لا يقل شأناً في حضوره عن أصوات الرجال الذين اشتبكوا مع الواقع إنتاجاً وتلقيّاً، وفي هذا أيضاً إشارة منها موجّهة إلى الآخر تُفيد بمرونة عقلها، وقدرته على التكيّف والانسجام مع المستجدات التي تعاصرها».

المحور الرابع

جاء المحور الرابع بعنوان «المتخيل السردي والتراث»، وشارك فيه د. إبراهيم سند، ود. أماني الجندي، وسيد الوكيل، وترأس الجلسة محمد عطية.

تناولت ورقة د. الجندي توظيف المتخيل السردي التراثي في رواية «الزيني بركات» للروائي جمال الغيطاني، قائلة: «استطاع الغيطاني أن يعيد تشكيل المعطى التاريخي وفق تصور يمزج الأساليب التراثية لخلق طرائق سرد محدثة تروم تحقيق رواية واقعية تعيد الاعتبار من جديد للنبالة اللسانية من خلال تركيب الجمل النصية السردية، والتعامل مع المعجم حيث نلاحظ إحياء حاداً لمفردات المعجم العتيق، وإعادة الاعتبار للصياغة اللسانية التراثية، والأساليب البلاغية المعتمدة في ذلك من سجع وترادف وموازنة وإطناب». وأضافت: «ولذا، فالغيطاني يمزج بين الشكل التقليدي والشكل الجديد ليعطي للرواية بعدها المعاصر، موظفاً لغة سردية تراثية وصوفية، فالاسترفاد من التراث منطلقه الوعي العميق بالدور الفعال، الذي يلعبه المتن التراثي في إخصاب النص الروائى المعاصر».

وتناولت ورقة د. السيد وكيل موضوع توظيف التراث في السرد المعاصر (ألف ليلة وليلة نموذجاً)، وقال: «إن الحكمة المستخلصة من هذه الحكاية التاريخية، هي أن: الخيال القوي بذاته يولّد حدثاً. فالحدث مهما كان عادياً ومألوفاً وعابراً، فإن قوة الخيال تعاظم من وجودة، فيتجسد حقيقة»، وأوضح د. السيد أن هذا التحول يتم عبر سردية، تنسج خيوطها من التفاعل الذهني بين الوعي واللاوعي، أو بين الواقعي والمتخيل. وبالنظرة الأولى إلى حكاية الملك الإيطالي، يبدو لنا أنها حالة من الذهان المرضي، لكن باشلار يرى أن مثل هذه الصور الشعرية التي تداهمنا بإلحاح في أحلام يقظتنا، يمكن أن تكون بداية لعالم من الأخيلة».

شهادات

اختتمت أعمال الملتقى مع جلسة شهادات ترأستها منى الشيمي، وشارك فيها: سعيد سالم، وعبير درويش، وآمال الديب، وعمر أبو القاسم.

وقرأ المبدعون الأربعة مختصرات حول تجاربهم الإبداعية، وكشفت الشهادات عن شغف البدايات في الكتابة وما تبعها من تطلعات للمضي قدماً في مشروع أدبي إبداعي عرف النور بعد جهد كبير.

حقول تراثية

تناولت ورقة د. إبراهيم سند اللغة التراثية والسرد الروائي المعاصر.. رواية «بهجة الحضور» لمحمد عطية نموذجاً، وطرحت إشكالية مدى توافر اللغة التراثية في السرد الروائي المعاصر، وحاولت الكشف عن مدى تأثر الكاتب محمد عطية بالمعطيات التراثية في روايته ومظاهر توظيفه التراث بكل أشكاله وأنواعه، وبيان أثر الخطاب الصوفي في لغة تعبيره السردي.

وأشار سند إلى أن الرواية زخرت بحقول تراثية متنوعة؛ حيث اعتمد الكاتب على لغة الأمثال الشعبية والحكايات ذات الأسلوب القصصي، وتوظيف التراث الشعبي، فاعتمدت الرواية على اللغة الصوفية بشكل واضح.

وتوصلت الدراسة إلى أن «بهجة الحضور» تفاعلت مع النص التراثي بشكل كبير؛ مما أَدَّى إلى إثراء البنية اللغوية للنص الروائي بالألفاظ والتراكيب والمعاني الضاربة بجذورها في أعماق التراث اللغوي؛ ليضفي الكاتب على لغة السرد بُعداً جماليّاً يشعر به قارئ الرواية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9h4tfn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"