قانون خفض التضخم

22:08 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد*

أقر مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأحد 7 آب/ أغسطس 2022، قانون خفض التضخم، بميزانية ضخمة 430 مليار دولار، إنما بصعوبة بالغة، حيث تعادلت أصوات المؤيدين الحزب الديمقراطي، مع أصوات المعترضين من الحزب الجمهوري على القانون بواقع 50 صوتاً لكل حزب، ورجح صوت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، تمرير القانون الذي عرض وتم التصويت عليه في مجلس النواب الجمعة 12 أغسطس، بهامش 220-207، حيث أيده جميع الديمقراطيين وعارضه كل الجمهوريين.

الاقتصاديان الفائزان بجائزة نوبل، المنتميان إلى المدرسة الكينزية الجديدة المحسوبة على الحزب الديمقراطي، جوزيف ستيجليتز وبول كروغمان، أيدا القانون كسبيل لمكافحة التضخم الذي وصل في يونيو الماضي إلى 9.1% قبل أن ينخفض في يوليو إلى 8.5%. جوزيف ستيجليتز كتب مقالاً بعنوان «لماذا يعتبر قانون خفض التضخم صفقة كبرى؟»؛ قال فيه إن القانون سيشكل إنجازاً قانونياً فارقاً من حيث تسريعه عملية التحول الطاقوي في أمريكا، وضبط تكاليف الرعاية الصحية، وإعادة بعض العقلانية إلى القانون الضريبي. كما دافع بول كروغمان عن مشروع القانون على حسابه في تويتر. كلام ستيجليتز صحيح من الناحية المبدئية؛ فمع أن استهداف التضخم بالخفض، استحوذ على مسمى القانون، إلا أن قاعدة استهدافاته أعرض من ذلك بكثير، إذ تشمل المشاكل طويلة الأمد التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي التي أشار إليها ستيجليتز في مقدمة مقاله، إذ ستُطلق الحزمة المالية لمشروع القانون، أكبر دفعة إنفاق في تاريخ الولايات المتحدة لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري حوالي 370 مليار دولار لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى 40% أقل من مستويات عام 2005 بحلول نهاية هذا العقد، وخفض تكاليف الأدوية الموصوفة لكبار السن. لكنني أخشى أن يصاب ستيجليتز مرة أخرى بخيبة أمل محبطة على غرار ما حصل له مع تطبيق الرئيس (الديمقراطي) باراك أوباما حزم التحفيز المالي لانتشال الاقتصاد الأمريكي مما أسماه ستيجليتز بالركود العظيم الذي سببته الأزمة المالية لعام 2008!. هنا يُذكِّر بعض المتابعين، ستيجليتز، بآلية عمل مثل هذه التشريعات: تحصيل ضرائب إضافية من صناعة ما، ثم تمرير تشريع يفيد تلك الصناعة، بينما تُنقل التكاليف إلى الناس. إنه الفساد بعينه، حسب تعبير ذلك البعض.

والحال أن قانون خفض التضخم، ما هو في الواقع سوى «قانون أو أجندة إعادة البناء بشكل أفضل، لكنه يعد تراجعاً كبيراً عن مشروع القانون الأصلي الذي كان قد اقترحه الديمقراطيون ورفضه الجمهوريون، والذي اشتمل على خطة الوظائف الأمريكية، وخطة العائلات الأمريكية، وخطة معالجة مشكلة تغير المناخ، وخطة إصلاح الرعاية الصحية المنزلية؛ والذي بلغت الموازنة المرصودة له 3.5 تريليون دولار. فموازنة القانون الجديد لا تزيد على 12.3% من الموازنة التي كانت مرصودة لخطة الحزب الديمقراطي المفرطة في طموحها في القانون الأصلي. كما أنها ستُنفق على مدار أكثر من 10 سنوات، بالتركيز على تعزيز الطاقة النظيفة ورفع القدرة على التكيف مع المناخ. ويعول الديمقراطيون على تمويل الخطة من خلال تأمين حوالي ثلثي الأموال في صورة تسهيلات وإعفاءات ضريبية مقابل إنتاج الكهرباء من مصادر طاقة نظيفة، والاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة، ومعالجة تغير المناخ من خلال عزل الكربون، وإنتاج الوقود المتجدد، وتصنيع الطاقة النظيفة. حيث سيذهب 60 مليار دولار لتعزيز التصنيع المحلي للطاقة النظيفة، بما في ذلك 30 مليار دولار من الإعفاءات الضريبية لإنتاج الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات ومعالجة المعادن. كما ستُقدّم للمرافق الكهربائية منح وقروض بقيمة 30 مليار دولار لزيادة الطاقة النظيفة، وتخصيص 60 مليار دولار لمجتمعات العدالة البيئية، وفرض رسوم على انبعاثات الميثان.

على أساس أن تنفيذ مثل هذه الاستثمارات الضخمة في الطاقة النظيفة، سيكون المقاربة المثلى للديمقراطيين الذين صوتوا على القانون بمفردهم في الغرفتين (الشيوخ والنواب)، لخفض التضخم وحماية الأمريكيين من تقلب أسواق الوقود الأحفوري. وهو ما يتحمس له كل من ستيجليتز وكروغمان. فهل فعلاً سيؤدي تطبيق القانون إلى كبح التضخم؟

* خبير اقتصادي بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4xnp7v8z

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"