عادي

أسماء الزرعوني... طائر يحلق في عالم الإبداع

23:22 مساء
قراءة 4 دقائق
9

علاء الدين محمود

في هذه الزاوية، نحتفي بمجموعة من أبرز مبدعينا الذين قدموا لمسات أدبية جمالية وإمتاعية، أثرت الوجدان، وارتقت بذائقة القراء، منحونا زاداً عبّر عن إنجازات الوطن وتحولات المجتمع وهموم البشر، كانوا ذاكرتنا التي تؤرخ للمكان ومدونتنا التي عبرت بصدق وإخلاص عن آمالنا وأحلامنا، هم قناديلنا التي نسترشد بها في دروب الحياة.

«أنا كالطير أحلق في سماء الإبداع وأحاول أن أكوّن عشاً جميلاً أضيفه للثقافة الإماراتية والمكتبة العربية»، هذا الحديث للكاتبة الرائدة أسماء الزرعوني يشير إلى مواهبها المتنوعة فهي خاضت تجارب إبداعية متعددة كالشعر والرواية والقصة، كما تنتمي إلى جيل مارس مختلف الأنماط الأدبية، غير أنها خصصت للسرد مساحات لتشكل حضوراً مميزاً في المشهد الثقافي الإماراتي، فلا يذكر الإبداع النسوي في الدولة، إلا ويذكر معه اسم الزرعوني، فهي كاتبة معروفة، ولها رواية بعنوان «لا تقتلني مرتين»، ظلت تعرض للبيع على موقع أمازون، بعد أن صدرت عن دار «ستراتيجك بوك ببليشنغ آند رايتس الأمريكية»، فهي صاحبة تجربة لها خصوصيتها، وقد حصدت العديد من الجوائز في مجال الأدب، ولعل الميزة الأساسية لديها هي غزارة الإنتاج على مستويي السرد والشعر.

بدايات

حكاية الزرعوني مع الأدب قديمة وتعود إلى فترة دراستها الابتدائية، حيث كانت تمارس كتابة القصائد والخواطر العفوية، وكانت تلقى تشجيعاً من قبل معلماتها، خاصة معلمة اللغة العربية، وكانت الزرعوني معجبة بصوتها وهي تلقي قصائد المقرر، فكانت تلجأ إليها وتطلعها على كتاباتها، والتي هي عبارة عن خواطر عفوية لفتاة صغيرة.

قراءة

قرأت الزرعوني في مجالات إبداعية عديدة شكلت وجدانها وأثرت ذائقتها، وكانت البداية من خلال قراءات لكبار الأدباء المصريين: نجيب محفوظ ويوسف السباعي، ومحمد عبد الحليم، واطّلعت على التراث العربي من خلال مكتبة والدها فكان أن قرأت ديوان المتنبي، والخيّام، كما كان بقرب البيت مكتبة تزورها الزرعوني لتشتري منها المجالات والروايات وهي في سن صغيرة، وكل تلك عوامل ساعدت في دفعها بقوة نحو الكتابة والإبداع، وفي طفولتها وحين كان الأطفال يلعبون بطين البحر، كانت تحمل أوراقها الصغيرة، وتقف حائرة أمام مكتبة والدها، تحاول قراءة كتبها، وتكتب في أوراقه التي خصصها للعمل، كانت ابتسامته الحنونة، دافعاً أن تكمل باقي السطر، وفي الصف السادس الابتدائي، اكتشفت مجلة «عالم الفن» الكويتية فأرسلت لهم ما تكتب من خواطر، ووضعت اسمها واسم جدها فقط، وكانت سعادتها كبيرة حين رأت ما نُشر لها، وتقول الزرعوني عن تلك البدايات: «كانت باكورة محاولاتي في دفاتر والدي القديمة، حيث كنت آخذها وأخطّ فيها نصوصاً فيها قبس من الشعر، وبعض من السرد، وكثير من الإنشاء الذي يحمل مشاعر متداخلة، وحملت إحداها مرة إلى معلمتي فشجعتني وأشادت بحسي الشعري والقصصي، ما دفعني إلى مراسلة المجلات والإذاعات».

طريق

والواقع أن طريق الزرعوني نحو الإبداع لم يكن مفروشاً بالورود، غير أنها وجدت تشجيعاً خاصاً من والدها الذي كان بمثابة القدوة بالنسبة لها.

ما شجعها على الاستمرار في هذا الطريق هو تأسيس رابطة الأديبات في بداية سبعينيات القرن الماضي برئاسة فخرية للشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، فكان الانتساب للرابطة والعمل من خلالها بمثابة تحفيز للكاتبة شجعها على الاستمرار. بداية الغيث

كانت أول قصة تنشر للزرعوني بعنوان «عندما يجف النبع»، في 1988، ونشرت في صحيفة الخليج، وكتبت بعدها عدة أعمال قصصية ونشرت في صحف محلية وخليجية، حتى استطاعت أن تصدر مجموعتها القصصية الأولى «همس الشواطئ»، في 1995، لتصدر بعدها ديوانها الشعري الأول «هذا المساء لنا»، وكذلك ديوانها الثاني «بوح الحمام»، ومارست الزرعوني أثناء ذلك كتابة الرواية، ليصل إنتاجها في كل تلك الأنماط الإبداعية نحو 30 إصداراً، وقد اختيرت مجموعة من قصصها لمنهج وزارة التربية والتعليم والشباب بالإمارات.

الرواية

فن الرواية هو الميدان الذي تميزت فيه الزرعوني حيث كتبت روايتها «الجسد الراحل»، وصدرت عام 2000، والتي تسرد تجربة الإنسان في الإمارات قبل تشكل الدولة، والتي اختيرت لتدرس في جامعة الكويت، ضمن مقرر أدب الخليج والجزيرة العربية، مما يشير إلى أهميتها وإلى المكانة التي وصلت إليها الزرعوني، التي أصدرت العديد من الروايات الأخرى والتي لقيت قبولاً كبيراً وصدى مميزاً.

إلى جانب ذلك، خاضت الزرعوني تجربة أدب الأطفال، وكتبت العديد من القصص والمجموعات، ومن أبرزها: «أحمد والسمكة»، و«العصفورة والوطن»، عام 1994، وهما قصتان اختيرتا فيما بعد من قبل وزارة التربية والتعليم للتدريس في منهج الصف الأول الابتدائي، وتقول الزرعوني عن تلك التجربة: «بدأت مع الشعر والقصة، ولم أكتب للأطفال إلا بعد فترة طويلة، ومجالي كتربوية وتخصصي العملي في المكتبات فتحا عيني على مدى تقصيرنا ككتاب، ليس في الإمارات فحسب؛ بل في كل دول الخليج، في مجال أدب الأطفال، إذ لا يوجد مبدعون متخصصون يخاطبون عقلية الطفل بشكل جاد».

إضاءة

أسماء الزرعوني روائية وقاصة إماراتية، ولدت في إمارة الشارقة عام 1961، حصلت على دبلوم التأهيل التربوي قسم المكتبات، وحصلت على درجة البكالوريوس في التربية مكتبات، عام 1988م، تقلدت العديد من المناصب، وهي تشغل حالياً منصب رئيسة مجلس أمناء ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي، وشغلت مناصب ثقافية أخرى منها مديرة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وعضو في مجلس إدارة رابطة أديبات الإمارات، وعضو مجلس الفكر والحوار في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وعضو جمعية حماية اللغة، وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وحصلت على العديد من الجوائز الأدبية، ولها الكثير من المؤلفات في مجالات الشعر والقصة والرواية وأدب الأطفال.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc3c35r7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"