الثقافة المؤسسية كحراك

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين

«إن الثقافة تتناول الاستراتيجية على الإفطار»، تعكس هذه المقولة الشهيرة لبيتر دراكر ضرورة قصوى في التعامل مع الثقافة كإحدى الركائز الأساسية التي تساهم في تحقيق الاستدامة المؤسسية، فمهما كانت الاستراتيجيات المتبعة قوية فهي لن تغني عن الانطلاق من جوهر واضح أساسه الإنسان وهو مصدر هذه الثقافة ومنفذها خاصة في المواقف الصعبة التي تحتاج إلى قدرات كبيرة لإدارة التغيير والضغوط والتعامل مع الشركاء والعملاء، فلا يكفي أن تكون الثقافة المؤسسية مطلباً، بل يجب أن تتحول إلى حراك طويل المدى. ما هي الخطوات لتحقيق ذلك؟
يقال «الثقافة مثل الريح، غير مرئية ورغم ذلك يمكن رؤية تأثيرها والإحساس بها»، خاصة في اللحظات التي تطل فيها تحديات غير متوقعة من عدة جهات، وتصبح الحاجة الطارئة للتغيير تحدياً كبيراً، فنجد الكثير من القادة ينطلقون من عقلية تؤمن بالكفاءة والقدرات التشغيلية قبل كل شيء، والتفويض الذي يأتي غالباً بشكل رأسي دون النظر إلى أن هناك ما يعتمل في القلوب والنفوس والعادات الجمعية والتصورات المشتركة. في تلك اللحظات بالذات ما يمكن الاعتماد عليه هو الثقافة المؤسسية التي تم تأصيلها في النسيج اليومي في حياة أفراد فريق العمل، بحيث يتمكنون من تلقي التغيير بتفاؤل وثقة واقتناع وإبداع. 
السؤال هو: هل يمكن لأية مؤسسة اليوم أن تختصر طبيعة ثقافتها في جملة مكونة من ثلاث أو أربع كلمات، بحيث تمثل كل ما عليه بيئة العمل؟
كثيراً ما نقرأ القيم المؤسسية والرؤى الممتدة في أدلة الشركات، ومواقعها الإلكترونية وحسابات التواصل الخاصة بها، لكن هل خرجت هذه الشعارات من مجرد ملصقات تقرأها العيون إلى ممارسات فعلية؟ كيف يمكن اليوم أن يتم إظهار هذه الأفكار بشكل عملي؟ قد تكون خطوة إعادة صياغة الأدوار الوظيفية ليتحول الموظفون إلى مرجعية حقيقية للعملاء والجمهور في المجالات المختلفة هي خطوة بناءة وعملية باتجاه التأسيس لهذا الحراك الثقافي، كما أن الكم الهائل من البيانات الضخمة يجب أن يتحول من مجرد أرشيف للأزمات إلى حالة متجددة لتطوير مهارات فرق العمل في بناء علاقات قوية ومثمرة مع المجتمع الداخلي والخارجي في آن.
إذا كانت هناك حالة عامة من عدم الرضا في القطاعات المختلفة، فالباب الأول الذي يجب طرقه هو باب الثقافة، فما الذي يخبرنا به الوضع الراهن؟ وكيف يمكن تأطير التحديات وتحويل الإشكاليات في المكاتب إلى رؤى إيجابية تتسرب إلى استراتيجيات التغيير وبشكل أفقي؟ كذلك عملية صياغة الملاذات الآمنة للمشاركة الجماعية لفرق العمل في وضع الحلول، وأخيراً الإضاءة على المكاسب الصغيرة ومضاعفة أثرها، فالحراك الحقيقي لن يبدأ دون اتخاذ القادة إجراءات التغيير الذي يودون اختباره على أرض الواقع.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mu7wzrsd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"