أسهمت جهود التحول الرقمي في سوق دبي المالي في استقطاب أعداد متزايدة من المستثمرين، المحليين والعالميين، ممن يُبدون اهتماماً لافتاً بالفرص الاستثمارية السانحة التي يوفرها السوق، لا سيما في ظل تسارع جهود تنفيذ استراتيجية تطوير الأسواق المالية في دبي عبر محاور رئيسية عدة، في مقدمتها طرح 10 شركات حكومية للاكتتاب العام وإدراجها في السوق.ومنذ مطلع العام، استقطب السوق نحو 69800 مستثمر جديد عبر القنوات الرقمية التي تجذب الجيل الجديد من المستثمرين الذين يتطلعون إلى دخول عالم الاستثمار في الأسهم من بوابة القنوات الرقمية السهلة.
يجني السوق ثمار التحول الرقمي، في تحسين تجربة المتعاملين، واستقطاب شريحة جديدة من المستثمرين، خاصة جيل الشباب، إلى جانب تعزيز مكانة سوق دبي المالي، كخيار استثماري أساسي، حيث تشير بيانات السوق إلى أن 94% من أرقام المستثمرين الجديدة خلال العام الجاري تم إنجازها من خلال القنوات الإلكترونية، وحلول رقمية مبتكرة، وتشكل الحسابات الاستثمارية المفتوحة من خلال الربط الإلكتروني بين سوق دبي المالي وشركات الوساطة 52% من عدد الحسابات الاستثمارية المنجزة عن طريق شركات الوساطة.
ويرى متعاملون أن توفير خدمات التسجيل الرقمي عبر القنوات الإلكترونية والذكية، سهّل عليهم الدخول إلى عالم الاستثمار في الشركات المدرجة في سوق دبي المالي، خاصة الاكتتابات الحديثة في السوق مثل «ديوا» و«تيكوم» و«سالك»، موضحين أن الخدمات التقليدية كانت العائق الوحيد أمامهم، فيما أسهم التحول الرقمي وتوفير القنوات الرقمية، خاصة التطبيقات على الهواتف، في جذبهم نحو السوق.
حلول رقمية مبتكرة
وقال حامد علي، الرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي و«ناسداك دبي»، في تصريحات خاصة ل«الخليج»: يُعد التحول الرقمي جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية سوق دبي المالي. وقد ساهم الاستثمار المكثف للسوق في تطوير حلول رقمية مبتكرة وتسهيل الربط مع شركات الوساطة في تمكينها من لعب دور حيوي وفعال كشريك للسوق في تنفيذ هذه الاستراتيجية. ونود أن ننوه بأن التعاون الكبير والمثمر من قبل العديد من شركات الوساطة مع السوق وفر وصولاً سلساً وتجربة غير مسبوقة للمستثمرين الراغبين في المشاركة في الاكتتابات العامة، أو فتح حساب مستثمر لدى السوق، أو فتح حساب تداول لدى شركة الوساطة، بحيث يتمكنون من ممارسة أنشطتهم الاستثمارية، بيعاً وشراء، منذ اليوم الأول لإدراج أي شركة جديدة في السوق.
وحسب الإحصاءات الصادرة عن سوق دبي المالي فقد استقطب السوق 74,253 مستثمراً جديداً منذ بداية العام الجاري، وحتى نهاية أغسطس/ آب، بزيادة نسبتها 911% قياساً إلى عدد المستثمرين الحاصلين على أرقام مستثمر جديدة في عام 2021 بكامله.
القنوات الإلكترونية
وأشار حامد علي إلى أن 94% من أرقام المستثمرين الجديدة خلال العام الجاري تم إنجازها من خلال القنوات الإلكترونية من دون الحاجة إلى أية أعمال ورقية أو زيارة مقر السوق، في دلالة قوية على الفعالية الكبيرة لاستراتيجية السوق في مجال التحول الرقمي، وإقبال المستثمرين على الاستفادة من القنوات الإلكترونية السلسة التي يوفرها السوق وشركات الوساطة في إطار الحرص على مواكبة تطلعات الأجيال الجديدة من المستثمرين والوصول بخدماته إلى المستثمر، وليس انتظار حضوره إلى السوق.
حسابات التداول الجديدة
وفي ما يخص حسابات التداول، أشار الرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي و«ناسداك دبي»، إلى أن الزخم الاستثماري المتزايد منذ بداية العام وحرص المستثمرين على المشاركة في الاكتتابات العامة المتوالية في السوق وتداول الأسهم المدرجة حديثاً من اليوم الأول للإدراج، أدى أيضاً إلى تسجيل زيادة ملحوظة في عدد حسابات التداول الجديدة منذ بداية العام الجاري، وحتى نهاية أغسطس/ آب، حيث تم فتح 23,035 حساب تداول بارتفاع نسبته 91% قياساً إلى بالعام 2021 بكامله.
أربع شركات وساطة
تجدر الإشارة إلى أن 4 شركات وساطة معتمدة في سوق دبي المالي أنجزت بالفعل، عملية الربط الإلكتروني مع نظم السوق وخدمات المستثمرين لدى شركة دبي للإيداع التابعة له، وهي: «بنك المشرق»، و«بي أتش أم كابيتال»، و«الإمارات دبي الوطني للأوراق المالية»، و«الدولية للأوراق المالية». ويُسارع السوق الخطى لاستكمال عمليات الربط مع عدد آخر من شركات الوساطة لتوسيع رقعة التحول الرقمي وتكريس ريادته بين الأسواق المالية الإقليمية على صعيد توفير الحلول الذكية والمبتكرة لخدمة كل المتعاملين.
الربط الإلكتروني
ووفقاً للإحصاءات تمثل الحسابات الاستثمارية المفتوحة من خلال الربط الإلكتروني بين سوق دبي المالي وشركات الوساطة 52% من عدد الحسابات الاستثمارية المُنجزة عن طريق شركات الوساطة، فيما تم إنجاز النسبة الباقية مُباشرة من خلال القنوات الإلكترونية الخاصة بالسوق.
وجاءت شركة «بي إتش إم كابيتال» في المرتبة الأولى بين شركات الوساطة من حيث عدد حسابات التداول الجديدة المفتوحة من خلال 3800 حساب تداول منذ بداية العام الجاري، وكانت الشركة أنجزت عملية التحول الرقمي في مارس/ آذار الماضي قبل الاكتتاب العام لهيئة كهرباء ومياه دبي.
بدوره، حقق بنك المشرق نجاحاً لافتاً من حيث فتح حسابات التداول خلال الشهرين الأخيرين عقب قيامه بإنجاز عملية التحول الرقمي والربط مع سوق دبي المالي في شهر يونيو/ حزيران الماضي، حيث تم فتح 390 حساب تداول من خلاله في أغسطس 2022 ليحل بذلك في المركز الأول للشهر الثاني على التوالي، يليه كل من بنك الإمارات دبي الوطني للأوراق المالية وبي إتش إم كابيتال.
تجربة رقمية متكاملة
وأعلنت شركة الإمارات دبي الوطني للأوراق المالية، عن إطلاق تجربة رقمية شاملة لفتح حساب مستثمر جديد. وتتيح هذه المنصّة الجديدة لعملاء بنك الإمارات دبي الوطني، البالغ عددهم أكثر من مليون عميل، بدء التداول بسرعة وسهولة، ولا سيما في ظل زيادة الطلب على شراء الأسهم وزيادة عدد الاكتتابات العامة الأولية المرتقبة في سوق دبي المالي.
وأطلقت المجموعة خلال مارس/ آذار، موقعاً إلكترونياً شاملاً لمساعدة المستثمرين الأفراد على المشاركة في الاكتتابات العامة الأولية المرتقبة في سوق دبي المالي، مع إمكانية الدفع الفوري لمبلغ الاكتتاب لمستثمري دولة الإمارات، وتسهيل سبل التحويل المصرفي للمستثمرين من خارج الدولة. وتدعم هذه التجربة الجديدة والسلسة لفتح حساب مستثمر تلك المبادرة، من خلال توفير وصول فوري إلى عمليات الاكتتابات الأولية، وهي تأتي في إطار التعاون الاستراتيجي مع سوق دبي المالي لتوسيع قاعدة المستثمرين.
إزالة العوائق أمام المستثمرين
وقال أحمد القاسم، نائب رئيس تنفيذي أول، رئيس الأعمال المصرفية للشركات والمؤسسات لمجموعة بنك الإمارات دبي الوطني: «عملت شركة الإمارات دبي الوطني للأوراق المالية على تسخير أحدث التقنيات لمنح المستثمرين إمكانية الوصول بسرعة وسهولة إلى منصة التداول والاستفادة من الفرص الاستثمارية في دولة الإمارات. وللمرة الأولى على الإطلاق، سيستفيد المستثمرون من تجربة رقمية متكاملة وسهلة للغاية لفتح حساب جديد، وبدء عملية التداول فوراً، ثم متابعة أداء محافظهم الاستثمارية بصورة فورية، ونحن على ثقة تامة بأن شركتنا للوساطة المالية التي تشهد نمواً متسارعاً، تلتزم بتسهيل التداول وإزالة كل العوائق أمام المستثمرين، وستزيد من تدفقات رأس المال إلى أسواق المنطقة، وبالتالي ستعزز السيولة وترسخ مكانة دبي كمركز مالي رائد إقليمياً، ووجهة للابتكار التكنولوجي».
تنسيق تام
وقال عبدالهادي السعدي، الرئيس التنفيذي لشركة «بي إتش إم كابيتال»: «تكتسب جهود التحول الرقمي في «بي إتش إم كابيتال» قوة دفع متزايدة عبر إطلاق النظام الذكي لفتح حسابات العملاء في سياق تنسيق تام ودعم كبير من قبل الأسواق المالية في الدولة، بما يوفر وصولاً سلساً وتجربة غير مسبوقة للمستثمرين الراغبين في الاشتراك في اكتتابات الطرح العام الأولية، وفتح الحسابات الاستثمارية بفضل الربط المباشر بين الشركة والأسواق المالية، بحيث يتمكن المستثمر من استكمال كل متطلبات استصدار رقم مستثمر في السوق بأسلوب مبتكر وموثوق».
وأضاف: «يتيح هذا النظام للعملاء فتح حسابات التداول عن طريق إدخال بياناتهم بشكل إلكتروني بحسب متطلبات هيئة الأوراق المالية والسلع، بما في ذلك متطلبات اعرف عميلك والمتطلبات المتعلقة بنظام مكافحة غسل الأموال، وأنظمة الضرائب الأمريكية، وتحديد مخاطر العملاء، ونظام تحديد ملاءمة العميل، وغيرها من المدخلات الخاصة بكل منتج، أو خدمة تقدمها الشركة. كما سيتم التحقق من هوية العميل والموافقة على الشروط والأحكام الواردة في اتفاقية فتح الحساب لكل منتج في الشركة بشكل إلكتروني».
ميزة تنافسية
وأوضح: «يعتبر النظام الذكي لفتح حسابات العملاء إضافة قيّمة لمجموعة الخدمات والمنتجات التي نقدمها إذ إنه منح الشركة ميزة تنافسية جديدة، مكنتنا من استقطاب شريحة واسعة من العملاء والاستحواذ على النصيب الأكبر من حسابات المستثمرين الجديدة في سوق دبي المالي في النصف الأول من هذا العام».
تطبيق
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلن «المشرق»، إمكانية التسجيل الرقمي بالكامل في الاكتتابات العامة عبر تطبيق الهاتف المحمول، حيث أصبح بإمكان عملاء البنك من الأفراد الحصول على رقم مستثمر (NIN)، وفتح حساب تداول لدى «المشرق للأوراق المالية»، والتسجيل رقمياً في الاكتتابات العامة المدرجة في سوق دبي المالي من خلال «تطبيق المشرق للخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول».
التسجيل رقمياً خطوة جاذبة
قال محمود الحسن، موظف، إن الاستثمار في سوق دبي المالي، خاصة الاكتتابات الأولية الجديدة، أصبح مثيراً للاهتمام، لاسيما وأن السوق وشركات الوساطة، سهلت على القادمين الجدد، عمليات التسجيل والتأكد من البيانات، وحتى المشاركة في الاكتتابات، لافتاً إلى أن عملية التسجيل والحصول على رقم مستثمر لم تأخذ سوى دقائق معدودة.
وأضاف أن تسهيل المشاركة في الاكتتابات، قد تكون الطريق لتشجيع المستثمرين للاستفادة من الفرص في سوق دبي المالي.
من جهته، قال عمر الأحمد، موظف، إن الأجيال الجديدة، خاصة فئة الشباب، اتجهت إلى أسواق العملات الرقمية، وربما «الفوركس» أيضاً، لسبب مهم، وهو تطبيقات الهواتف الذكية، حيث توفر لهم هذه المنصات، التسجيل والتداول بسرعة كبيرة، فيما يرون في أسواق الأسهم صعوبة، بسبب إجراءات التسجيل في السابق، على الرغم من أن حجم المخاطرة يعتبر أقل في أسواق الأسهم.
وأضاف، أن تلبية حاجة المستثمرين، خاصة فئة الشباب الذي يفضلون التقنية على الورق، سوف يشجعهم للتداول في السوق عوضاً عن تحمل مخاطر عالية جداً في الاستثمار في فئات أخرى.
وأشار إلى أن شركات الوساطة، أصبحت أكثر فهماً لحاجات المستثمرين، من خلال توفير تطبيقاتها الخاصة التي تدعم التداول عبر الإنترنت والهواتف، إلى جانب توفيرها خدمات فتح حساب مستثمر والحصول على رقم مستثمر في سوق دبي.
