عادي
أسلوب سردي يراوح بين تقنيات متعددة

«حجاب الساحر».. الرواية الأولى لأحمد الشهاوي

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
15

أصدرت الدار المصرية اللبنانية رواية «حجاب الساحر» للشاعر أحمد الشهاوي، وتحكي جزءاً من سيرة «شمس حمدي»، تلك المرأة التي تتمتع بقدر كبير من الصدق والذكاء، وهي تدرك سرّ قوتها، وتعرف ماهيتها، هي امرأة خمسينية درست العلوم السياسية، وعاشت حياتها الجامعية مهتمة بالسياسة، ثم أغرمت بتاريخ مصر القديمة.

تتناول الرواية عبر سيرة «شمس حمدي» شريحة مهمة من المجتمع، من دون أن تغفل العلاقات الإنسانية بين أفراد العائلة الواحدة، حيث عانت شمس حمدي سوء أخلاق بعض الأقرباء: (شمس حمدي ليست شخصية مأساوية، لكنّها بكل تأكيد ملأى بالغريب والعجيب، فقد ولدت لعائلة تقليدية محافظة بنت نفسها، وتعلّمت بشكل عادي، مارست السياسة وانخرطت في العمل السري، الذي لم تواصله بسبب اعتراض الأب الدائم وخوفه عليها من السجن، ومن البطش).

وعلى الرغم من كون «شمس حمدي» امرأة قوية فقد ضربتها الأمراض؛ جراء فعل السحر، حتى تعثرت حركتها وحياتها، ووهنت وارتبكت، وقلّت حيلتها؛ فتسر لحبيبها الذي ارتبطت به لسنوات، ثم ابتعدت من دون أن تذكر أسباباً للنأي، أن هناك أعمالاً سحرية تعرقل حياتها، ولم تكن تعرف أن حبيبها له صلة عميقة بالسحر.

اصطحبها لتمكث ليلة داخل الهرم الأكبر، حيث رأت ما لم يره بشر من قبل، ثم إلى البحيرة المقدسة في الأقصر، وهي أعجوبة من عجائب الحضارة المصرية القديمة عمرها أكثر من ثلاثة آلاف عام، وكان بعض النساء يأتين إليها للتبرك، إذ يعتقدن أن مياهها تعالج الأمراض المستعصية والعقم، كما اصطحبها إلى دلتا مصر، ثم الرحلة الأهم إلى جزيرة سقطْرة اليمنية.

«حجاب الساحر» ليست رواية تروى ليتسلى بها القارئ، لكنها تحمل حياة شمس حمدي الخصبة، والثرية في تنوعها «فهي امرأة تظهر كل ليلة وكل نهار في شأن، إنها نساء عديدات، وليست امرأة واحدة تكرر نفسها، إذ هي تامة، تأخذ بصرك جملة»، ومثلما تناقش الرواية التي تقع في 360 صفحة، طبيعة العلاقات الأسرية في المجتمع الحديث؛ فإنها تتناول أيضاً عالم السحر والسحرة.

روح غنائية

يقول الشاعر مصطفى عبادة: سوف تظل شخصية «شمس حمدي» بطلة الرواية طويلاً في ذاكرة الرواية العربية، فهي نموذج لمواجهة التناقضات السيئة للطبيعة البشرية، ذات روح غنائية تستحضر الأحلام، وخيبات الأمل، وما يعنيه أن تكون نقياً خلّاقاً.

شمس حمدي تخوض مع الراوي حرباً عميقة ضد الجهل والخرافة وإشاعة روح الخراب، حرباً ضد عدم اليقين، ومحاولة العيش في ظل محاولات الآخرين السيطرة عليها، والأضرار الجانبية التي تسربت إلى روحها، والسحر الحقيقي في لحظات الانتصار.

«حجاب الساحر».. الرواية الأولى لأحمد الشهاوي، مكتوبة بدقة من طبقات عدة، ومن العديد من الحقائق الاجتماعية، وتكشف من ناحية أخرى آليات تخريب حياة الآخرين، وتفضح العديد من الأرواح والظروف، التي تجعل من بعض البشر قتلة من دون سبب.

ويبدو كما لو أن أحمد الشهاوي أراد بهذه الرواية أن يتجاوز نفسه بإدخالها في أتون معركة جديدة، هذه المرة، على صعيد الرواية، وأن يجربها في حقل صعب آخر، وباختيار أشد طرق السرد صعوبة، بعدم الارتكان إلى نقطة مركزية للانطلاق في الحكاية، بل ظل سرده يراوح بين تقنيات متعددة بالعودة إلى الماضي، والذهاب إلى المستقبل، بفن الرسالة وروح أدب الرحلة الروحية والمكانية.

صوت خاص

يقول الشاعر المغربي حسن نجمي: إن الشهاوي شاعر عربي، شيد لنفسه وضعاً اعتبارياً لافتاً للانتباه، لقد اشتغل على قصيدته بعمق، وبوعي شعري وجمالي متواصل، سافر طويلاً في جهات العالم، وفي جهات الكتابة والبحث كي يكتب أفضل وأجمل، وكي يمتلك صوته الخاص، ونجح في أن يعثر في العشق على مادته الشعرية الأولى، وجعل من روحه الصوفية مرجعاً في كتابته، وفي حياته.. وأفقه، في هذا النص يضع الشاعر السارد أوراقه فوق الطاولة كاشفاً أسراره الظليلة، عن شذرات من حياته، من ذاكرته، من قراءاته، من رحلاته، من صداقاته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4tzhnxfr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"