عادي

بعد وداع تاريخي مهيب.. إليزابيث الثانية ترقد في مثواها الأخير

20:03 مساء
قراءة 4 دقائق
نعش

المملكة المتحدة: (أ.ف.ب)

ترقد إليزابيث الثانية في مثواها الأخير في مدفن كنيسة سانت جورج في قصر ويندسور، بعد وداع مهيب ومليء بالعواطف تكريماً لذكرى ملكة حظيت بشعبية عالمية.
وبعد مراسم أخيرة في ويندسور بمشاركة 800 شخص، ووريت الملكة، مساء الاثنين، في مراسم عائلية مغلقة في المدافن الملكية.
وقبيل ذلك، كسر كبير أمناء البلاط عصاه ليضعها على النعش في خطوة رمزية للدلالة على انتهاء عهدها، لتغيب بعدها إليزابيث الثانية عن الأعين إلى الأبد، وهي التي لطالما اعتلت الابتسامة وجهها وتحلّت بالهدوء لتصبح أيقونة المملكة بعدما اعتلت العرش لمدة 70 عاماً وسبعة أشهر ويومين.
واختتمت المراسم بعزف النشيد الوطني البريطاني. 
وانتهت الرحلة الأخيرة للملكة التي توفيت في الثامن من أيلول/سبتمبر عن 96 عاماً في بالمورال، مقر إقامتها في إسكتلندا. وقد عبر نعشها أراضي المملكة بالسيارة وبطائرة تابعة لسلاح الجو الملكي وبعربة يجرّها بحارة، وأيضاً أحصنة خلال مسيرة راجلة طويلة.
وفي إدنبرة ومن ثم لندن، انتظر مئات آلاف الأشخاص ساعات، وأحياناً طوال الليل، لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش الملكة وهي الوحيدة التي يعرفها أغلبية البريطانيين؛ إذ تحمل عملتهم صورتها وكذلك الطوابع، كما يعرفها العالم أجمع.

 قدرة على توحيد الصفوف 

وانطوت صفحة من التاريخ برحيل الملكة إليزابيث الثانية، ولطالما حرصت على أداء واجباتها من دون الإدلاء بمواقفها علنية. وقد شغلت منصبها بجدية وحرص وبحس من الفكاهة، أحياناً لا يقاوم.
وفي ويندسور قالت بولين هاكستابل (64 عاماً) إنها جاءت لكي تحيي «الحياة الاستثنائية» لملكة مطبوعة بـ«الكرامة»، مشددة على أن شخصيتها كانت كانت تطغى عليها «صفة الأمومة».
وقالت كارولاين الكمان (48 عاماً): «لن أرى ملكة أخرى في حياتي لأن تشارلز الثالث هو الملك حالياً، ومن ثم الأمير وليام ومن بعده جورج».
وتابعت: «كانت إليزابيث الثانية قادرة على توحيد الصفوف طوال 70 عاماً، كانت مذهلة»، ووصفت الأجواء بأنها «حزينة» وإنما «في الوقت نفسه احتفالية».
وعلى غرار الأيام الاثني عشر التي تلت رحيلها، طغت على اليوم الأخير العاطفة الشعبية التي امتزجت بأبهة التقاليد الملكية البريطانية، علماً بأن الجنازة مخطط لها منذ عقدين.
ودخل نعش إليزابيث الثانية إلى كاتدرائية ويستمنستر بعدما نقل على أنغام مزامير القربى وقرع الطبول عزفها عناصر من البحرية الملكية من قصر ويستمنستر، حيث كان مسجى منذ خمسة أيام. وحمل النعش الملفوف بالراية الملكية والذي يعلوه تاج الإمبراطورية ثمانية عناصر من الحرس الملكي، ووضع على عربة مدفع في مسيرة إلى كاتدرائية ويسمتنستر.
ووصل النعش في مسيرة ومشى وراءه نجلها الملك تشارلز البالغ 73 عاماً، وأبناء الملكة الآخرون آن واندرو، وإدوارد ووريث العرش وليام، الذي بات أمير ويلز والأمير هاري باللباس المدني نظراً إلى انسحابه من نشاطات العائلة الملكية في 2020.
وانضمت إليهم داخل الكاتدرائية قرينة الملك كاميلا وزوجة وليام أميرة ويلز كايت، وميغان زوجة الأمير هاري. وقد مشى الأمير جورج (تسع سنوات)، والأميرة شارلوت (سبع سنوات) طفلا الأمير وليام، وراء نعش الملكة لدى دخوله الكاتدرائية.

ملكة «مرحة» 

وقال أسقف كانتربري جاستن ويلبي، الزعيم الروحي للكنيسة الأنغليكانية التي كانت الملكة على رأسها «في خطاب شهير ألقته عندما كانت تبلغ 21 عاماً، أعلنت صاحبة الجلالة الراحلة أن حياتها مكرسة تماماً لخدمة الأمة والكومنولث». وتابع: «نادراً ما تم الوفاء بتعهّد على هذا النحو الجيد»، مشيداً بملكة «مرحة» و«حاضرة من أجل الجميع»، و«لها تأثير في حياة كثر».
وانتهت المراسم على وقع نشيد الموت «لاست بوست» الذي يعزف لتكريم الجنود الذين سقطوا في المعارك، وبدقيقتي صمت في كل أرجاء البلاد، ومن ثم النشيد الوطني الجديد «غود سايف ذي كينغ» (ليحفظ الرب الملك).
ونقل جثمانها عبر شوارع لندن بمشاركة ستة آلاف جندي، وبمواكبة الحرس الملكي بالزي الأحمر، وخوذ الفرو السوداء. واحتشد الآلاف على طول المسار المؤدي إلى القصر لوداع الملكة الراحلة بالورود والتصفيق والدموع. ووصل إلى كنيسة سانت جورج عبر ممر «لونغ ووك» الرائع المؤدي إلى قصر ويندسور.
وكانت إليزابيث قد انتقلت إلى القصر الواقع غربي لندن عندما كانت لا تزال أميرة، خلال الحرب العالمية الثانية وقضت فيه أغلبية أوقاتها في السنوات الأخيرة. وفي رواق القصر يمكن رؤية كلبيها «مويك» و«ساندي» اللذين أصبحا في عهدة نجلها الأمير آندرو.

شعبية متزايدة 

وتدهورت صحة الملكة في الأشهر الأخيرة؛ إذ عانت صعوبات في التحرك. وقبل يومين من وفاتها، ظهرت في آخر صورة لها قبل رحيلها مبتسمة لدى استقبالها رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس.
وكانت أكبر قادة العالم سناً. وخلال حياتها عرفت الحرب العالمية الثانية وشهدت انهيار الإمبراطورية البريطانية، ودخول المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي وخروجها منه.
وبعد زيارات منهكة استمرت 12 يوماً في الأقاليم الأربعة التي تتشكل منها المملكة المتحدة، وتخللها الاختلاط بالجموع، يضاف إليها الحزن الناجم عن فقدان والدته، يبدأ تشارلز الثالث البالغ 73 عاماً، عهده فعلاً. وكان البعض يحلم بعملية انتقالية سريعة مع أمير ويلز الجديد نجله وليام البالغ 40 عاماً، لكن تشارلز الثالث وعد على غرار والدته، بخدمة أبناء المملكة المتحدة طوال حياته.
وارتفعت شعبيته بشكل كبير وباتت عند مستوى 70%، على ما أظهر استطلاع جديد للرأي أعده معهد «يوغوف»، بينما حصل وليام على 80%.
إلا أن التحديات الكثيرة لا تزال في بداياتها. وتعود الحياة إلى طبيعتها في المملكة المتحدة، الثلاثاء، ويتوقع أن تحتل أزمة غلاء المعيشة والإضرابات صدارة الصحف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p99zdhd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"