معضلة التأمين والمرضى

00:45 صباحا
قراءة دقيقتين

غريب أمر مستشفيات القطاع الخاص، فما إن يدخلها المريض ولو بصداع إلا وتبدأ بالتفنن في طلب الفحوص والتحاليل.
مشكلة هذه المستشفيات عويصة، وكثير منها للأسف يدار بطريقة ربحية صرفة بغض النظر عن حالة المريض وما تستوجبه من معاملة أو فحوص.
الضحية الأولى في التعامل مع هذه المستشفيات هو المريض نفسه الذي يجهد بفحوص وتحاليل وأشعة قد لا تستدعيها حالته، لكنه روتين هدفه تشغيل كامل أقسام المستشفى بغض النظر عن حالة المريض.
الضحية الثانية في هذه المعادلة، هي شركات التأمين التي تتكبد الكثير من الأموال التي تدفعها لهذه المستشفيات نظير فحوص ومراجعات لا يحتاج إليها المريض، غير أن الطبيب كتبها له، ولن يكتب له الوصفة الطبية قبل أن يمر بكل هذه الإجراءات.
الأمر هنا ليس مرده التعاطف مع شركات التأمين، فهي أيضاً تتفنن في فرض رسوم التأمين على الناس، وتكبد الشركات والمؤسسات مبالغ طائلة نظير التعاقد معها لأجل التأمين على موظفيها.
هل يعقل أن تزيد تكلفة مراجعة طفل لمستشفى لأجل زكام، «لو كانت بلا تأمين» نحو 2000 درهم، مع تأكيدات الطبيب وجوب المراجعة ومتابعة الفحوص، وما إلى ذلك من توتر غريب قد يخلقه للأسرة، وعند سؤاله هل من داع لذلك، تكون إجابته: بما أنه على التأمين فما المانع؟.
هل يعقل أن يغير مريض مستشفاه، لأنه لم يرتح للأطباء فيه وطريقة معاملتهم، بعد أن أجرى كامل الفحوص والتحاليل الواجبة، رغم ارتفاع تكلفتها، فيطلب منه الطبيب في المستشفى الجديد أن يعيد كامل الفحوص، لأنه لا يجوز له قبول صور وأشعة وتحاليل أجراها في مستشفى منافس، والأمر يبدو من ضمن كلام الدكتور أن عليه «تارجت» عليه أن يدخله للمستشفى بشكل شهري.
هذا كله ناهيك عن مستويات الطبابة، و«التخمين» التي قد يعيشها المريض بسبب اختلاف كلام الأطباء بين المستشفى الأول والثاني، مما سيدخله من دوامة فحوص وتحاليل طويلة.
إذاً نحن أمام معضلة، صحية ومالية، الأولى ضحيتها المريض، والثانية ضحيتها المؤسسات التي تؤمن على موظفيها، وبالتالي ينعكس على الموظف نفسه، خاصة إذا كان يدفع جزءاً من تكلفة تأمينه.
التأمين، قيمة إنسانية، ولم يوجد لأجل إثراء مستشفيات القطاع الخاص، بل وجد لأجل أن يرفع عن كاهل الناس تكاليف الطبابة، وليتمكن المريض من الحصول على علاجه بيسر وسهولة، ولكن أن يتحول إلى وسيلة ثراء فإن الأمر يوجب إيجاد جهة رقابية على أسعار وتكاليف مستشفيات القطاع الخاص، لأن أسعار كشفيات الأطباء، وما يتبعها من تكاليف العلاج وغيرها مبالغ فيه جداً، وقد يزيد على 10 أضعاف دول أخرى، قد يعرف الطبيب فيها بخبرته حالتك الصحية بمجرد النظر إليك.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/n88r5ese

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"