مناورة انتخابية فجة

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

أصبح المهاجرون القادمون من أمريكا الجنوبية وقوداً في المعركة الجارية بين قيادات الحزب الجمهوري والديمقراطي لكسب سباق انتخابات التجديد النصفي لاختيار مرشحين جدد لمجلس النواب وحكام ولايات أمريكية.

وفي سياق التعبير عن الاحتجاج على سياسة الرئيس بايدن إزاء الهجرة وأيضاً من أجل كسب تعاطف المزيد من الناخبين في الانتخابات المقررة في نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، قام زعماء جمهوريون في مقدمهم حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت، بنقل مهاجرين عبر حافلات وطائرات وتركهم في العراء في معاقل قادة الحزب الديمقراطي.

والأسبوع الماضي، وصلت حافلتان تقلان مهاجرين الى جوار مقر إقامة نائبة الرئيس كامالا هاريس في واشنطن. والمعروف أن كامالا مكلفة ملف الهجرة في البيت الأبيض. وكتب حاكم ولاية تكساس على تويتر «نائبة الرئيس هاريس تزعم أن حدودنا آمنة وتنفي وجود أزمة. نحن نرسل مهاجرين إلى فناء منزلها لحث إدارة بايدن على القيام بعملها وضمان أمن الحدود». وأكد الرجل أنه أرسل عشرة آلاف مهاجر منذ إبريل (نيسان) الماضي الى واشنطن ونيويورك وشيكاغو.

كما انضم الى هذه الموجة الاحتجاجية الغريبة حاكم فلوريدا الجمهوري رون دي سانتيس الذي أكد أنه أرسل طائرتي مهاجرين بينهم أطفال صغار ونساء الى جزيرة مارثاز فينيارد، أحد معاقل رؤساء الحزب الديمقراطي.

ونددت إدارة الرئيس بايدن بهذه الأعمال ووصفتها بانها «مخزية وقاسية». وقال بايدن إن الجمهوريين يستغلون البشر في ممارسة ألعاب سياسة. وأضاف: ما يفعلونه هو ببساطة خطأ وتهور وليس من طبيعة أمريكا. وقالت المتحدثة باسمه كارين جان بيير إن الحاكمين ديسانتيس وأبوت يعاملان الأطفال والأمهات مثل الماشية ويستخدمونهم كبيادق سياسية.

وشهدت ملاجئ المهاجرين والدوريات الحدودية في السنوات القليلة الماضية، موجات هائلة من المهاجرين وطالبي اللجوء الذين تمكنوا من عبور الحدود، والذين جاء معظمهم من فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا، حيث تعصف بهذه البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

وفي الواقع، إن استغلال محنة هؤلاء البائسين في المعارك الانتخابية بين الخصوم تمثل نوعاً من الهمجية واحتقار إنسانية البشر. هناك وسائل عدة سياسية وقانونية لإبداء المعارضة للسياسات الحكومية التي لا يتفق عليها الخصوم أو استقطاب ولاء الناخبين في الانتخابات. وهي وسائل لا غبار عليها وتعكس أخلاق القادة والتزامهم باحترام إنسانية البشر وحقوقهم حتى ولو كان ذلك في الحدود الدنيا المعقولة والمقبولة. لكن استغلال كتل بشرية مغلوب على أمرها، وقليلة الحيلة، لتوصيل رسالة احتجاج أو تحقيق مكاسب انتخابية، فذلك عمل لا يمكن إدراجه ضمن دائرة التنافس الشريف بل يعد من الأعمال المعادية للقيم المجتمعية والإنسانية ونوعاً من الانتهازية العارية وفقدان الضمير التي لا يستر عورتها شيء.

وقبل أن نغادر محنة المهاجرين، وفي جانب أكثر إيجابية للصورة، فقد كانت منطقة «تايم سكوير» في نيويورك محطة لدمية عملاقة تمثل فتاة لاجئة أطلق عليها مصمموها اسم «أمل الصغيرة»، في عمل دعائي يهدف لزيادة الوعي بمحنة الأطفال المهاجرين الباحثين عن الأمان عبر الحدود.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yckzkdy4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"