فحص مجهري لتدريس النحو

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ألا يحتاج موضوع «إرادة تطوير المناهج» (أمس) إلى المثل القائل: «بالمثال تتضح الحال»؟ التحولات الإدارية الكبيرة التي حدثت في إعادة هيكلة نظام التربية والتعليم، في دولة الإمارات، هي محط أمل في إخضاع كتب المناهج الدراسية في جميع المراحل لفحوص شاملة. الفحص تلزمه بحوث تربوية نفسية. عين المجهر على مقرر تدريس اللغة العربية، النحو بالذات. من طابور هذه الدروس، وقع اختيار القلم على «المفعول المطلق»، في «كتاب التطبيقات النحوية» للصفوف السادس والسابع والثامن، المجلد الأول: الطبعة الثالثة 2021-2022.
مفيد تكرار القول أمس، إن في كتب مقرر العربية طرائق تعليم تحسبها من القرون الخالية. الآن نأتي بالبرهان الساطع القاطع. نقرأ في ذلك الكتاب المدرسي نصاً: «كثيراً ما نستخدم المفعول المطلق في العامية مع إهمال النصب، للدلالة على الانفعال. نقول بالعامية: ضربته ضربْ.. أحبّه حبّْ.. أكرهه كرهْ.. عذّبني عذابْ.. شغّلني شغلْ الدنيا والآخرة». كتب النحو القديمة، قبل قرون فيها ألوان من الضرب في جميع أبواب النحو، في العدد مثلا: ضربت اثني عشر رجلاً (جدع)! الفصول السادس والسابع والثامن، أي الإعدادية. سن المراهقة، كثير عليها التنشئة بالضرب، الكراهية، العذاب...
بعد ذلك مباشرة في درس المفعول المطلق: «يحب الناس الذين يميلون للمبالغة في كلامهم إلى استخدامه». في الجملة خطأ لغوي: إلى زائدة، لأن استخدامه مفعول به للفعل والفاعل يحب الناس. ثم بعد ذلك مباشرة نقرأ حرفياً: «أمثلة المفعول المطلق في القرآن الكريم كثيرة، لما له من أثر في تأكيد المعنى، ووقع صوتي في جرس الآيات: «والناشطات نشطا.. والسابحات سبحا...»
ثم نأتي إلى التطبيقات العجيبة في المفعول المطلق. جاء في الكتاب المذكور نصاً: اختر المفعول المطلق لكل جملة: «وعلى هذا النحو فقد صبيّنا عينيه، أصابه الرمد فأهمل أيّاماً، ثم دعي الحلاق فعالجه علاجاً ذهب بعينيه». أوّلاً، الرمد اختفى من العالم قبل مولد النشء الجديد بأكثر من نصف قرن. ثم عن أيّ عصر يتحدث الكتاب، يدعى فيه الحلاق لعلاج أمراض البصر؟ ثانياً: تعلم الأقاصي والأداني أن الطب في دولة الإمارات في مستوى أرقى دول العالم. المستشفيات تفوق الخمس نجوم. مثال آخر للمفعول المطلق: «كانا يكرهان بعضهما كرهاً شديداً». وآخر: «أخذ برأسه بين كتفيه وضغط بهما عليه ضغطاً شديداً»!!!
لزوم ما يلزم: النتيجة التذكيرية: اللازمة المتكررة في العمود أن يشارك في وضع المناهج متخصصون في علم النفس. تعاد قراءة الأمثلة بعين سيكولوجية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24kuzf55

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"