عادي

العلم والإيمان

22:53 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر
حين نتأمل موقف الإسلام من العلم نجد ترابطاً وثيقاً بين العلم والإيمان، فكلما ازداد الإنسان علماً كلما ازداد يقيناً ومعرفة وخشية لله عز وجل. قال تعالى مبيناً أن العلماء هم أشد الناس خشية له ومعرفة بمقامه «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ «27» وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ «28» سورة فاطر..

والعلم يهدي إلى الإيمان ويقوي دعائمه، والإيمان يدعو إلى العلم ويرغّب فيه، هذه العلاقة الوثيقة لا نجدها في غير الإسلام. يقول الفيلسوف الفرنسي رجاء جارودي: «ولم يفصل الإسلام الحكمة عن العلم ولم يقبل معالجة أي فرع من فروع العلم بمعزل عن العقيدة التي هي هدف في ذاتها».

ولكي ترقى الأمم وتتقدم فلا بد لها من الإيمان والعلم معاً، أما العلم وحده: «فقد يرفع أمة حتى تعانق السماء رفاهية ورغداً، ولكنها سرعان ما تتداعى مثلما تتساقط أوراق الخريف التي تعصف بها الرياح، وكم من أمة غنية قوية ولكنها تعيش على شقاء مهددة في أمنها مقطعة الأواصر بينها يسود الناس فيها القلق ويظهر الانحلال، قوة بلا أمن ومتاع بلا رضا وحاضر زاهٍ يترقبه مستقبل نكد، إنه الابتلاء الذي يعقبه النكال»، وفق الشيخ محمد الغزالي.

ولقد فاق المسلمون غيرهم قروناً وعقوداً من الزمان حين سمت عندهم مكانة العلم وأخلصوا في طلبه وأكرموا أهله، وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا ترقد في ظلام دامس وتغط في سبات عميق كان المسلمون قد سبقوا عصرهم في شتى العلوم.

ولا عودة لنا إلى سابق عزنا ومجدنا إلا إذا أقبلنا على العلم من منطلق إيماني خالص، فالعلم هو إدراك الشيء على حقيقته أو نقيض الجهل أو الاعتقاد الجازم، أو الحجة الواضحة، ومما تضمنته أولى آيات أنزلت على الرسول، صلى الله عليه وسلم «اقرأ باسم ربك الذي خلق» فأمرت بالقراءة وثنت بالتعلم، وبينت أهم أدواته القلم وما ذلك إلا لأنه وسيلة العمل، وقائده، وهو تابع له، ومؤتم به، وشرط في صحته وصحة القول، فلا يعتبران إلا به، كما أنه مصحح للنية التي هي شرط في صحة العمل.

والعلم أجلُ الفضائل، وأشرف المزايا، وأعز ما يتحلى به الإنسان، فهو أساس الحضارة، ومصدر أمجاد الأمم، وعنوان سموها وتفوقها في الحياة، ورائدها إلى السعادة الأبدية، وشرف الدارين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2cubbw2k

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"