حكايات وثقافة وجماليات البحر

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

العرب أبناء ثقافة صحراء وثقافة جبال في محاذاة ثقافة البحر، الثقافة المائية، أو الثقافة الشواطئية التي تشترك فيها عشرات بل ربما مئات بلدان العالم وشعوبه، بل إذا أردت القول فإن ثلثي العالم يقوم على ثقافات البحر في مقابل ثقافات اليابسة، ومع ذلك، يحتفي الأدب باليابسة، أكثر من احتفائه بالماء.
والأرض في الأدب تحمل رمزية الأمومة، والخصب والولادة، غير أن هذه الرمزيات لا تختلف في دلالاتها على رمزيات الماء، ففي الماء معنى آخر للأمومة، وفي الماء معنى للخصب والولادة.
 هذه التداعيات وغيرها، سواء أكانت تداعيات واقعية أو تأويلية تحضر ثقافياً في الدورة الثانية والعشرين لملتقى الشارقة الدولي للراوي، وجاءت الدورة تحت عنوان «حكايات البحر» وهو موضوع ثقافي وجمالي وفكري أرى أنه يهم جذرياً المبدعين الإماراتيين وفي الوطن العربي الذي تقع الكثير من بلدانه على بحار.
علاقة الإماراتي بالبحر علاقة «مشيمية» إن أمكن القول، ويا للغرابة هنا حين نقول إن بعض الشعراء الإماراتيين وُلِدوا في البحر أو وُلِدوا في الماء، أو إن بعضاً من أجدادهم أو آبائهم قد وُلِدوا في بحار أو على شواطئ، وفي مقابل هذه الولادات هناك أيضاً آباء وأجداد شعراء وفنانين ومسرحيين إماراتيين ماتوا في البحر. هؤلاء الغوّاصون والبحّارة القدامى لقوا حتفهم وهم يحاولون التقاط محارة أو دانة في مغاصات يعرفونها جيداً كما يعرفون مشيمة الماء.
البحر بالنسبة للإماراتي الكاتب أو الفنان أو المبدع الأدبي أو التشكيلي هو أيضاً مصدر إلهام كأنما الماء دليل للكتابة، وصفحة زرقاء للرسم.
البحر في الإمارات وفي منطقة الخليج العربي، كما هو في الأرض كلها، هو ثقافة وتاريخ وتراث ينتج حكاياته وسردياته وأساطيره ومعتقداته بل وسحرياته وتراجيدياته من وقائع الغوص والسفر والرحيل، إلى وقائع قطاع الماء كما هم قطّاع الطرق، وكل هذه المنظومة الحكائية والسردية هي في الواقع منظومة مشتركة بين كل بلدان الشواطئ والبحار، وقد أخذت إدارة المهرجان هذه المشتركات الشواطئية الثقافية في الاعتبار حين بسطت حكايات البحر للبحث والقراءة من مختلف بلدان وثقافات العالم، وليس من الإمارات فقط.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5c3eufxt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"