عادي

حلم بإطعام أطفاله.. فكان البحر أسبق بابتلاعهم جميعاً

18:21 مساء
قراءة 3 دقائق
لبنان- أ.ف.ب
عندما حسم قراره بالهجرة غير الشرعية مع أسرته الصغيرة، لم يتخيل مصطفى ميستو، كما يروي أقرباؤه، أن الموت سيكون لهم بالمرصاد. جلّ ما حلم به سائق سيارة الأجرة أن يطعم أطفاله، ويعلمهم بعدما ضاقت بهم سبل العيش في لبنان.
ومصطفى هو أحد ضحايا قارب الموت الذين عثرت عليهم السلطات السورية، الخميس، بعد غرق مركبهم الذي انطلق من شمال لبنان وعلى متنه عشرات المهاجرين، غالبيتهم من اللبنانيين واللاجئين السوريين.
في باب الرمل، أحد أفقر أحياء مدينة طرابلس في شمال لبنان، تبكي العائلة على مصابها، بعدما تبلغت أن مصطفى قضى غرقاً مع أطفاله الثلاثة، بينما نجت زوجته.
ويقول جهاد المانع، قريب مصطفى: «لم يذهب في نزهة إلى الخارج أو لقضاء إجازة نهاية الأسبوع. لم يكن حلمه الحصول على جنسية أخرى، بل أن يسجل أولاده في مدرسة ويطعمهم». ولم تتضح بعد ملابسات غرق المركب الذي تراوحت التقديرات بشأن عدد ركابه بين 100 و150 شخصاً، تم العثور على جثث 73 منهم على الأقل حتى الآن وإنقاذ عشرين آخرين، فيما ما زال آخرون في عداد المفقودين.
وتعدّ حصيلة الضحايا الأعلى منذ أن نشطت ظاهرة الهجرة غير الشرعية من لبنان، التي بدأها لاجئون سوريون وفلسطينيون يبحثون عن بدايات جديدة، قبل أن ينضم إليهم لبنانيون، غالبيتهم من شمال لبنان، أنهكتهم الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يصنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
وغادر مصطفى مع عائلته، بعدما دفع مبلغاً يتراوح بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف دولار مقابل كل شخص لمهربين، كما يروي المانع. وجمع المبلغ المطلوب بعدما باع سيارته واستدان مالاً من إخوته وباعت والدته مصاغها.
ولم تتمكن العائلة من معرفة الوجهة التي كان سيسلكها القارب قبل غرقه. وينتقد أفرادها بشدة المسؤولين خصوصاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المتحدر من طرابلس، والذي تحاول عبثاً التواصل معه منذ وقوع الفاجعة. ويسأل المانع بانفعال «أين المعنيون؟ لا نعلم ما إذا كان أولادنا موتى أم أحياء».
  • «إما أصل وإما أموت»
ومنذ شيوع نبأ غرق المركب، يتوافد الأقرباء والأصدقاء إلى منزل العائلة المفجوعة، بينهم عمر ميستو، صديق مصطفى منذ الطفولة. ويقول: «الفقر والوضع المعيشي جعلا مصطفى يغادر لبنان».
وينقل عنه قوله باستمرار: «سأغادر حتى لو كنت سأموت. إما أن أصل وإما أموت».
وبدأت عائلات في لبنان، الجمعة، تشييع قتلاها، بينهم عائلة التلاوي.
وغادر وسام التلاوي مع زوجته وأطفالهما الأربعة على متن المركب، لتتبلغ العائلة بنجاته، بينما توفيت ابنتاه (خمس وتسع سنوات) وما زالت زوجته مع طفلين آخرين في عداد المفقودين. وتسلمت العائلة، وفق أحمد، شقيق وسام، جثة الطفلتين وجرى تشييعهما في مسقط رأسيهما في منطقة عكار (شمال).
ويتلقى وسام العلاج حالياً في مشفى الباسل في مدينة طرطوس، مع 19 شخصاً آخرين ممن تم إنقاذهم من البحر.
ويقول أحمد: «استيقظنا الخميس ولم نجد شقيقي، العامل في شركة تنظيفات».
ويضيف: «لم يقو على تأمين قوت يومه وتعليم أطفاله، فكلفة تسجيل كل ولد في المدرسة تبلغ 10 ملايين ليرة».
وينتقد بشدة غياب السلطات اللبنانية. ويسأل بغضب: «أين الدولة؟ لم نتلق اتصالاً من أي جهة بعد، ولم يكلف مسؤول نفسه بالذهاب إلى سوريا لمتابعة الملف».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/42ewv5pa

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"